هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةإتصل بناعالمية الإسلام دروس وعبر        Emptyأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عالمية الإسلام دروس وعبر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





نقاط : 0

عالمية الإسلام دروس وعبر        Empty
مُساهمةموضوع: عالمية الإسلام دروس وعبر    عالمية الإسلام دروس وعبر        Icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 08, 2010 6:33 pm


عالمية الإسلام دروس وعبر

بقلم فضيلة الشيخ /محمد مسعد ياقوت

بعدما عقد النبي – صلى الله عليه وسلم - هدنة الحديبية- بينه وبين مشركي مكة الذين حاربوه على مدار ثمانية عشر عاماً أو أكثر ، أراد النبي – صلى الله عليه وسلم – استثمار هذه الفترة في مراسلة زعماء وأمراء وملوك العالم.. لينتقل بالدعوة بعد صلح الحديبية من مرحلة الإقليمية إلى مرحلة العالمية.

إلى ملك مصر والإسكندرية

هذا، ولنتأمل أحد هذه النماذج المشرقة، ولتكن رسالة النبي – صلى الله عليه وسلم - إلى الملك المقوقس.. فكتــب النبــي – صلى الله عليه وسلم - إلى جُرَيْج بـن مَتَّى الملقب بالمُقَوْقِس ملك مصر والإسكندرية، رسالة نصها‏:‏

"بسم الله الرحمن الرحيم .. من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط.. سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم أهل القبــط، ‏]‏يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ‏[‏‏" [البيهقي : دلائل النبوة، ج 5، ص 4]

واختار لحمل هذا الخطاب رجلاً ذا لسان وحكمة هو حاطب بن أبي بَلْتَعَة.‏

وجدير بنا أن نذكر كلام حاطب – رضي الله عنه – للمقوقس، فهذه البعوث كانت تعرف هدفها جيداً كما أنها بلغت حداً من الفقه والحصافة يستحق الإعجاب البالغ.

قال حاطب: إن هذا النبي دعا الناس، فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصارى، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل.. وكل نبي أدرك قوماً فهم أمته، فحق عليهم أن يطيعوه، وأنت ممن أدرك هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكننا نأمرك به!

فقال المقوقس‏:‏ إني قد نظرت في أمر هذا النبي، فوجدته لا يأمر بمزهود فيه‏.‏ ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والإخبار بالنجوي، وسأنظر‏.‏

وأخذ كتاب النبي – صلى الله عليه وسلم - فجعله في حُقِّ من عاج، وختم عليه، ودفعه إلى جارية له، ثم دعا كاتباً له يكتب بالعربية، فكتب إلى النبي:

‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏ لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد ‏:‏ فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين، لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت بغلة لتركبها، والسلام عليك"[البيهقي : دلائل النبوة، ج 5، ص 4].

ولم يزد على هذا ولم يسلم، فتزوج رسول الله – صلى الله عليه وسلم - مارية، فأنجبت له طفلاً ـ سماه إبراهيم، أما سيرين، فقد تزوجها الشاعر حسان بن ثابت – رضي الله عنه.

"تلك مُثلٌ لرسائله إلى رجالات النصرانية ومواقفهم منها. وقد ساق النبي كذلك مبعوثيه إلى رؤساء المجوسية يدعونهم إلى الله، ويحدثونهم عن الدين الذي لو تبعوه نقلهم من الغي إلى الرشاد.. وقد تفاوتت ردودهم، بين العنف واللطف والإيمان والكفر" [محمد الغزالي : فقه السيرة، ص 274].

إلى زعماء العالم

وتابع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حملته العالمية ، فطفق ينتقي أفصح الخطباء والشعراء والدبلوماسيين من أصاحبه، ويبعثهم رسلاً وسفراء إلى الممالك والإمارات والدول والقبائل في آسيا وأفريقيا وأوربا يدعو العالَم المظلم إلى الله:

(1) فبعث دحية بن خليفة الكلبي – وكان أنيقًا وسيمًا -، إلى قيصر ملك الرومان، واسمه هرقل.

(2) وبعث عبد الله بن حذافة السهمي – وكان راسخ الفكر والإيمان متحدثًا بليغًا - إلى كسرى ابرويز بن هرمز، ملك الفرس.

(3) وبعث عمرو بن أمية الضمري – وكان لبقًا ذكيًا-، إلى النجاشي ملك الحبشة، ثم بعثه النبي– صلى الله عليه وسلم – مرة أخرى إلى مُسَيْلِمَةَ الْكَذّابِ مدعي النبوة ، برسالة، وَكَتَبَ إلَيْهِ بِكِتَابٍ آخَرَ مَعَ السّائِبِ بْنِ الْعَوّامِ أَخِي الزّبَيْرِ فَلَمْ يُسْلِمْ .

(4) وبعث - فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ عمرو بن العاص – داهية العرب -؛ إلى جَيْفَرٍ وَعَبْدِ اللّهِ ابْنَيْ الجُلَنْدَى الْأَزْدِيّيْنِ ، ملكي عمان.

(5) وبعث سليط بن عمرو إلى هوذة ابن علي، الملك على اليمامة، وإلى ثمامة بن أثال، الحنفيين.

(6) وبعث العلاء بْنَ الْحَضْرَمِيّ إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيّ مَلِكِ الْبَحْرَيْنِ.

(7) وبعث شجاع بن وهب الأسدي، من أسد خزيمة، إلى الحارث ابن أبي شمر الغساني، وابن عمه جبلة بن الأيهم، ملكي البلقاء من عمال دمشق للرومان.

(8) وبعث الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي أُمَيّةَ الْمَخْزُومِيّ إلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ الْحِمْيَرِيّ أحد زعماء اليمن، وقال : سأنظر.

(9) وبعث العلامة الفقيه معاذ بن جبل إلى جملة اليمن، داعياً إلى الإسلام، فأسلم جميع ملوكهم، كذي الكلاع وذي ظليم وذي زرود وذي مران وغيرهم.

(10) وَبَعَثَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ الْبَجَلِيّ، إلَى ذِي الْكَلاعِ الْحِمْيَرِيّ وَذِي عَمْرٍو يَدْعُوهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَا وَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَجَرِيرٌ عِنْدَهُمْ.

(11) وَبَعَثَ عَيّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيّ برسالة إلَى الْحَارِثِ وَمَسْرُوحٍ وَنُعَيْمٍ بَنِي عَبْدِ كُلَالٍ زعماء من حِمْيَرَ .

(12) وَبَعَثَ إلَى فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيّ يَدْعُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ . وكَانَ فَرْوَةُ عَامِلًا لِقَيْصَرَ بِمَعَانَ فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ إلَى النّبِيّ – صلى الله عليه وسلم – بِإِسْلَامِهِ وَبَعَثَ إلَيْهِ هَدِيّةً مَعَ مَسْعُودِ بْنِ سَعْدٍ وَهِيَ بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ وَفَرَسٌ وَحِمَارٌ وَبَعَثَ أَثْوَابًا وَقَبَاءً مِنْ سُنْدُسٍ مُخَوّصٍ بِالذّهَبِ فَقَبِلَ – صلى الله عليه وسلم – هَدِيّتَهُ وَوَهَبَ لِمَسْعُودِ بْنِ سَعْدٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيّةً وَنِشًا [انظر هذه البعوث في : ابن هشام 4/ 25،وابن سعد 1 / 2].

وأسلم سائر هؤلاء الزعماء العالميين حاشا قيصر وكسرى وهوذة والحارث بن أبي شمر.

وهكذا، أحدث الرسول – صلى الله عليه وسلم – هذه الحركة العالمية لتوصيل رسالة الإسلام وترسيخ قيمة عالمية هذا الدين في نفوس أبناء الأمة إلى يوم القيامة.. وتواصَلَ مع قيادات ورموز العالم آنذاك.

أدلة العالمية

لا يتناطح كبشان في عالمية الإسلام، لا سيما وقد أثبت عالمية هذا الدين النقلُ والعقلُ، والواقع والأصل . فيكفي أن تنظر إلى كتاب الله فترى كم النوص التي تنوه مرارًا على عالمية الإسلام . ثم يكفي أن تنظر - نظرة أخرى – إلى الكرة الأرضية، وترى كيف انتشر الإسلام شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا، فلا تضع أصبعك على موضع في مجسم الكرة الأرضية إلا وتجد نسبة تعداد للمسلمين في كل رقعة من الغبراء والخضراء.

أما عن نصوص القرآن فإليك أدلة العالمية – أو بعضها:

الدليل الأول : "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً" [الأعراف:158]

الدليل الثاني : "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً" [الفرقان:1]

الدليل الثالث : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " [سبأ :28]

الدليل الرابع : " وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ " [آل عمران:85]

الدليل الخامس : "إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ{87} وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ{88}"[ ص ]

الدليل السادس :"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ " [الأنبياء :107]

وأما عن أدلة عالمية الإسلام من السنة النبوية فحسبك حديث " أعطيت خمسًا ".

فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :

"أُعْطِيتُ خَمْسًا، لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي : نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأرض مَسْجِدًا وَطَهُورًا- فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاة فَلْيُصَلِّ-، وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ - وَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي - ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً " [ البخاري: 323]

وقد أشار إنجيل برنابا إشارة صريحة إلى عالمية الإسلام ، فجاء في الفصل الثالث والأربعين:

"الحق أقول لكم إن كل نبي متى جاء فإنه يحمل لأمة واحدة فقط علامة رحمة الله ولذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي أرسلوا إليه ، ولكن رسول الله متى جاء يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم يده فيحمل خلاصاً ورحمة لأمم الأرض الذين يقبلون تعليمه ، وسيأتي بقوة على الظالمين ، ويبيد عبادة الأصنام بحيث يخزي الشيطان لأنه هكذا وعد الله إبراهيم قائلاً: انظر فإني بنسلك أبارك كل قبائل الأرض ، وكما حطمت يا إبراهيم الأصنام تحطيماً ، هكذا سيفعل نسلك.

أجاب يعقوب : يا معلم قل لنا بمن صنع هذا العهد ، فإن اليهود يقولون بإسحاق، والإسماعيليون يقولون بإسماعيل . أجاب يسوع ابن من كان داود ، من أي ذرية ؟ أجاب يعقوب من إسحاق لأن إسحاق كان أبا يعقوب ويعقوب كان أبا يهوذا الذي من ذريته داود ، فحينئذ قال يسوع : ومتى جاء رسول الله فمن نسل من يكون؟، أجاب التلاميذ من داود ، فأجاب يسوع : لا تغشوا أنفسكم لأن داود يدعوه في الروح رباً قائلاً هكذا قال الله لربي اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئاً لقدميك يرسل الرب قضيبك الذي سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك ، فإذا كان رسول الله الذي تسمونه مسيا ابن داود فكيف يسميه داود رباً؟، صدقوني لأني أقول لكم الحق: إن العهد صُنع بإسماعيل لا بإسحاق ! " [ برنابا، الإصحاح 43]

وفي الفصل السادس والتسعين أجاب يسوع :" لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي؛ أني لستُ فيها مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلاً : بنسلك أبارك كل قبائل الأرض، ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله، فينجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمناً ، حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله ، الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبدد الأصنام وعبدة الأصنام . وسينـزع من الشيطان سلطته على البشر وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به وسيكون من يؤمن بكلامه مباركاً "[ برنابا، الإصحاح 96] .

العالمية .. من أول يوم !

ولقد كان مبدأ ( عالمية الإسلام ) واضحًا جليًا في أذهان المسلمين الأوائل، أيام مكة، وكانت نصوص العالمية بينة في القرآن المكي، وكان منها قول الحق تبارك وتعالى في سورة الأعراف – المكية - : "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً" [158] .

ومن ثم شرع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في غرس هذا المبدأ في نفوس أتباع الدعوة في كثير من المشاهد. ومن هذه المشاهد التي دلت على أصالة هذه القيمة – حديث خباب بن الأرث عن يوم من أيام الاضطهاد في مكة، حيث قال: " شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلإ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ! أَلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا ! فقَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ؛ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ ! لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ " [ البخاري : 3343 ]

فلا تمام لهذا الدين، إلا بالعالمية، حين يمتد الإسلام شرقًا وغربًا، فيأمن الغريب والمسافر من صنعاء إلى حضرموت .. لا يخاف لصًا ولا قاطعًا، حيث بسط الإسلامُ الأمنَ في ربوع العالم .

وتأمل قول رسول الله : "مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ " .. إن رسول الله في مكة حينما حدّث بهذا الخبر، وكان من الأولى – في زعم البعض – أن يقول – على سبيل المثل – "من مكة إلى الطائف" ! والحق أن رسول الله يتحدث بهذا الحديث وهو لا يفرق بين أرض وأرض، فكل الأرض بساط للإسلام، وأن الإسلام سينشر سلمه وأمنه بين صنعاء وحضرموت، وسينشر سلمة وأمنه بين مكة والطائف، وسينشر سلمه وأمنه بين القاهرة والقدس، وسينشر سلمه وأمنه بين المدينة المنورة وواشنطن .

ولَمَّا مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْهُمْ أَبُو جَهْلٍ فَقَالُوا : يَا أَبَا طَالِبٍ، ابْنُ أَخِيكَ يَشْتِمُ آلِهَتَنَا يَقُولُ وَيَقُولُ وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ ؛ فَأَرْسِلْ إِلَيْهِ، فَانْهَهُ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ ... فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... قَالَ أَبُو طَالِبٍ :" يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ قَوْمَكَ يَشْكُونَكَ، يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَهُمْ وَتَقُولُ وَتَقُولُ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ ".

فَقَالَ : " يَا عَمِّ إِنِّي إِنَّمَا أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمْ بِهَا الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ !!!"

قَالُوا: وَمَا هِيَ ؟؟ نَعَمْ ! وَأَبِيكَ عَشْرًا !!

قَالَ : لاإِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [أحمد : 3244، عن ابن عباس]

إنه يعلّم الأمة؛ أن ( لا إله إلا الله ) منهج حياة، وشرعة قويمة، مَن أخذها بحقها، ساد العالم وقاد الأمم، عربًا وعجمًا، شرقًا وغربًا، وشمالاً وجنوبًا، حينها تُحْمُل أموالُ الجزية قناطير مقنطرة، من أطراف الكرة الأرضية إلى بيت مال المسلمين، ثم تخرج هذه الأموال من بيت مال المسلمين تتفرق كأشعة الشمس بين القرى والبلدان في أنحاء الكرة الأرضية، فتشبع جوعة الفقير، وتجبر كسرة المسكين، وتذهب لوعة المحروم، فتمحو الفقر المُدْقع، والذل المُضْرع.

ولما التقى رسولُ الله قبيلةَ بني شيبان في موسم الحج- وكان فيهم هانىء بن قبيصة والمثنى بن حارثة والنعمان بن شريك- وعرض عليهم الإسلام، وطلب منهم أن يأووه وينصروه، قال المثنى : " فأما ما كان من أنهار كسرى, فذنب صاحبه غير مغفور, وعذره غير مقبول، وإنَّا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى, أن لا نُحدث حدثًا ولا نؤوي محدثًا, وإني أرى هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا أخا قريش مما تكره الملوك, فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب, فعلنا "

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مبينًا شمولية الإسلام وعالميته- :

«ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله عز وجل لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله تعالى أرضهم وديارهم ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟» فقال النعمان بن شريك: اللهم فلك ذاك [انظر: البداية والنهاية (3/143- 145) ].

إن هذا الدين لا ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، فهو نظام شامل، ومن ينصره على الغرب ينصره على الشرق، ومن يدفع عنه العرب يدفع عنه العجم، فالإسلام دين الشرق ودين الغرب، ودين العرب ودين العجم، شرعة العالم ودستور البشر في كل زمان ومكان.

دورك في العالمية

ومن العجب، جَلَد الفاجر وعجز الثقة؛ فأنت ترى بعض النصارى ينشرون دينهم المُحرّف في أدغال أفريقيا وفي غابات أسيا، ويزعمون أن ( المسيحية ) دين عالمي، وهو الدين الذي نص ( الكتاب المقدس) أن صاحبه ( يسوع ) بُعث لخراف بني إسرائيل وحدهم.

وعلى النقيض، ترى بعض المسلمين، قد ناموا عن تبليغ دعوة الإسلام العالمية إلى الزنجي والهندي، والأبيض والأسود، والغربي والشرقي، وانشغلوا بالحرث والنسل، وتبعوا أذناب البقر، رضوا بالزرع، وشطحوا في التجارة..

وترى رجل الأعمال الأمريكي (كريك وينن) وغيره ينفقون ملايين الدولارات على نشر كتب التنصير والتحريف في ربوع العالم بشتى اللغات الحية، في حين أن أربعين قناة فضائية جنسية – تُبث على القمر الأوربي – مملوكة لرجال أعمال عرب (مسلمين).

فرجال الأعمال العرب، شفاهم الله لم يستفيقوا بعد من السُكر والعربدة، وإنفاق المالي على العاهرات والأُبهة، إلا من رحم الله منهم فأخرج زكاة ماله كاملة أو قدم لدعوة الإسلام منبرًا إعلاميًا.

ولم أعجب مثل عجبي من صاحب فن أو لعبة رياضية، ترى أحدهم يسعى ويكابت الصعاب لينتقل بفنه من المحلية إلى العالمية، ولينشر موهبته من بلدته إلى الجوزاء في السماء وإلى الحيتان في البحار، ولا يعير اهتمامًا لدينه، بُلَّغ أم لم يُبَلغ، وقد أهمته نفسه، والمهم في نفسه أن الموهبة تبلغ، وتسود، وتُلهي الناس، وتشغل الإعلام العالمي قبل المحلي .

ووا حر قلباه ممن قلبه شبم! يرون الرياضة عالمية والفن عالميًا، ولا يرون الإسلام أهلاً للتبليغ، أو ظنوا أن مهمة نشر الإسلام إلى العالم ليست مهمتهم، وليست من اختصاصهم!

ومن ثم أوصيك أخي:

- أن تنشر قيمة ( عالمية الإسلام ) وترسخها في نفوس إخوانك وأصحابك لاسيما الإعلاميين منهم.

- أن تبشر بالانتصار العالمي للإسلام، وتصدع بأحاديث رسول الله في ذلك، والتي منها : " إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا "[ مسلم: 5144، عن ثوبان ]، وحديث : "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأمْرُ [ أي الإسلام ] مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، ولا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاوَبَرٍ؛ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ؛ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإسْلامَ، وَذُلا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ" [أحمد:16344، عن تميم الداري ، وهو في السلسلة الصحيحة برقم: 3 ].

- أن تشارك في إعادة بناء الخلافة الإسلامية التي غيّبها أعداء هذا الدين، وأن توقظ مفهوم ( الوحدة الإسلامية العالمية ) في نفوس الناس، وأن تبشر الناس بمقدم الخلافة الراشدة، فقد أخبر الصادق المصدوق بذلك.

فعن حذيفة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : "تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ" ثُمَّ سَكَتَ [ أحمد : 17680، وهو في السلسلة الصحيحة ].

فعهد النبوة هو عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وعهد الخلافة الراشدة هو عهد الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم -، وعهد الملك العضوض – وهو عهد توريث الحُكم – فهو عهد مُلك بني أمية والدولة العباسية والدولة العثمانية وغيرها من الدول وأنصاف الممالك.

أما عهد الملك الجبري فهو عهد ما بعد إسقاط الخلافة العثمانية سنة 1924، حيث توالت أنظمة الظلم والفساد والاستبداد وبلغت في ذلك مبلغًا يندى له جبين التاريخ.. وبقي العهد الأخير الرشيد الرغيد، على منهاج سيد المرسلين، هذا والله أعلم بمقصود هذا الحديث العجيب !

___________________

** عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمشرف العام على موقع نبي الرحمة، ومستشار لموقع إسلام أون لاين في النطاق الشرعي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عالمية الإسلام دروس وعبر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  معركة احد دروس وعبر حب الدنيا سبب الهزيمة
» شخصيات عالمية اكتشفت الحقيقة
»  تورية الدعاة في نصرة الحق درس من دروس الهجرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القسم الدعوى :: الدعوة إلى الله-
انتقل الى: