التمثيل الرابع و الأربعون – سورة الزمر
﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ في هذا القُرآن مِنْ كُلّ مَثَل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون * قُرآناً عَربياً غَيرَ ذي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون * ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُركاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَويانِ مَثلاً الحمْدُ للهِ بَلْ أكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُون﴾.(1)
تفسير الآيات:
"الشكس" :السيئ الخلق، يقال: شركاء متشاكسون، أي متشاجرون لشكاسة خلقهم.
"سلماً": أي خالصاً لا يملكه إلاّ شخص واحد ولا يخدم إلاّ إياه.
هذه الآيات تمثل حالة الكافر والمؤمن، فهناك مشبه ومشبه به.
أمّا المشبّه به، فهو عبارة عن عبد مملوك له شركاء سيئي الخلق متنازعون فيه، فواحد يأمره وآخر ينهاه، و كلّ يريد أن يتفرّد بخدمته، في مقابل عبد مملوك لرجل يطيعه ويخدمه ولا يشرك في خدمته شخصاً آخر.
فهذان المملوكان لا يستويان.
وأمّا المشبه فحال الكافر هو حال المملوك الذي فيه شركاء متشاكسون، فهو يعبد آلهة مختلفة لكلّ أمره ونهيه وخدمته، ولا يمكن الجمع بين الآراء والأهواء المختلفة، بخلاف المؤمن فانّه يأتمر بأمر الخالق الحكيم القادر الكريم.
وهذا المثل وإن كان مثلاً واضحاً ساذجاً مفهوماً لعامة الناس، ولكن له بطن لا يقف عليه إلاّ أهل التدبر في القرآن، فهو سبحانه بصدد البرهنة على توحيده الذي أشار إليه في قوله: ﴿لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إلاّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُون﴾.(2)
وقال سبحانه: ﴿ءَأربابٌ مُتَفَرّقُونَ خَيْرٌ أمِ اللهُ الواحِدُ القَهّار﴾.(3)
1- الزمر:27ـ 29.
2- الأنبياء:22.
3- يوسف:39.