سعد عنتر Admin
عدد المساهمات : 1368 نقاط : 3899 العمر : 33
| موضوع: تحمل المشاكل ضريبة الدور الكبير السبت أغسطس 28, 2010 4:05 am | |
|
كلما يكبر المرء، ويعظم دوره، كلما تزداد همومه ومشاكله، تماما كما أنه بمقدار ما يكبر الطفل، تشتد عضلاته، وتزداد قدراته الجسمية والفكرية والروحية. من هنا يختلف دور الإنسان في الحياة من شخص لآخر، تبعا للمركز الذي يشغله، والمكانة التي يتبوءها. فلربما يتفوه شخص بسيط بكلمة، فلا تؤثر إلا على مستوى عائلته، ولكن ذات الكلمة عندما يتفوه بها رئيس دولة، فإنها تؤثر على مستوى تلك الدولة، ولربما غيرت معادلات وقلبت موازين. فالشخص الذي يتبوأ مركزا مرموقا في المجتمع، تكون قدراته كبيرة، وتبعا لذلك تكون مسؤولياته عظيمة، وحسابه يوم الجزاء أعظم. يذكر أن بهلول العاقل كان يسعى الناس بين الصفاء والمروة، وكانوا يبكون وينتحبون، فرأى هارون الرشيد وهو يبكي لوحده، فقال له بهلول: أتعلم يا هارون لم يبكي هؤلاء الناس؟ فقال هارون: لا. فقال بهلول: "كل واحد منهم يبكي لنجاة نفسه، لأنه مسؤول عنها. أما أنت فمسؤول عن نفسك، وعن كل واحد من هؤلاء لأنك رئيسهم". ثم إنه بمقدار ما تزداد قدرات الإنسان، فإن مشاكله أيضا تكبر معه، وإذا سقط فإن سقطته تكون خطيرة كالذي يسقط من شاهق، فكلما كان المكان أرفع، كان السقوط منه أخطر، وعذاب الكبير إذا عصى الله يكون يوم القيامة عسيرا وكبيرا. وبالعكس بالنسبة إلى الصالحين، فكلما يعظم دورهم يعظم ثوابهم، لأن "الأجر على قدر المشقة" وكبار الصالحين يتحملون عظائم الأمور. فمثلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) حينما بعث بالرسالة، فهو من جهة قد كبر دوره وعظم، ومن جهة أخرى انهالت عليه المشاكل حتى قال "ما أوذي نبي بمثلما أوذيت". ذلك لأن رسالته هي أعظم الرسالات السماوية بل هي جامعة لكل الرسالات. وعظمة الرسول (صلى الله عليه وسلم) تكمن في أنه تحمل كل تلك المشاكل والصعاب، دونما كلل أو ملل، وأنه حمل على أكتافه مشعل الهداية، التي يظل نورها متوهجا إلى قيام الساعة. وكما يصدق ذلك بالنسبة إلى دور الفرد فإنه يصدق بالنسبة إلى دور التجمعات، فالفرد الواحد له دور بحجمه ومشاكل بحجمه أيضا، وإذا أصبح الفرد جزءا من جماعة فهو بمقدار ما يزداد دوره، تزداد مشاكله. لأن الانتماء إلى الجماعة له ضريبته وهي زيادة المشاكل والهموم. ولكن مع زيادة ذلك يزداد دور الفرد داخل المجموعة، ودور المجموعة داخل المجتمع. وعلى كل حال بديل عن انخراط الفرد في المجموع، لأن "الاثنين خير من الواحد، والثلاثة خير من الاثنين" كما يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم). ولا ريب أن الفرد الذي يتحرر من إسار الفردانية وينتقل إلى واحد الجماعة، فإن النجاح سيكون حليفة هي شتى المجالات. لأن قوة الجماعة ستضاف إلى قوته، فيكون على مواجهة الأعداء أقدر، وعلى مواكبة تطورات العصر أكثر.
| |
|