مناقشة ادعاء نسخ آية: ﴿ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه... ﴾
﴿ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم ﴾(1).
قال جماعة: إن الآية منسوخة بتحريم النبي (ص) بعد ذلك لبعض الأشياء غير المذكورة في الآية.
والحق: عدم النسخ لان مفاد الآية هو الإخبار عن عدم وجدان محرم غير ما ذكر فيها، وهو دليل على عدم الوجود حين نزولها.
وعليه فلا معنى لدعوى النسخ فيها، فإن النسخ لا يقع في الجملة الخبرية، وإذن فلا بد من الالتزام بأن الحصر في الآية إضافي، فإن المشركين حرموا على أنفسهم أشياء، وهي ليست محرمة في الشريعة الإلهية، وهذا يظهر من سياق الآيات التي قبل هذه الآية، أو الالتزام بأن الحصر حقيقي، وأن المحرمات حين نزول هذه الآية كانت محصورة بما ذكر فيها، فإن هذه الآية مكية وقد حرمت بعد نزولها أشياء أخرى، وكانت الأحكام تنزل على التدريج.
ومن الظاهر أن تحريم شيء بعد شيء لا يكون من النسخ في شيء، وكون الحصر حقيقيا أظهر الاحتمالين وأقربهما إلى الفهم العرفي، ومع ذلك فلا نسخ في مدلول الآية - ولو كان الحصر إضافيا - كما عرفت.
المصدر:
البيان في تفسير القرآن، لزعيم الحوزة العلمية: سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي.
1- الأنعام/145