هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةإتصل بنامناقشة ادعاء نسخ آية: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) Emptyأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مناقشة ادعاء نسخ آية: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعد عنتر
Admin
سعد عنتر


ذكر
عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3899
العمر : 33

مناقشة ادعاء نسخ آية: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) Empty
مُساهمةموضوع: مناقشة ادعاء نسخ آية: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)   مناقشة ادعاء نسخ آية: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) Icon_minitimeالجمعة سبتمبر 03, 2010 3:01 am



مناقشة ادعاء نسخ آية: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)



" فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة"(1).



فقد اشتهر بين علماء أهل السنة أن حلية المتعة قد نسخت، وثبت تحريمها إلى يوم القيامة، وقد أجمعت الشيعة الامامية على بقاء حلية المتعة وأن الاية المباركة لم تنسخ، ووافقهم على ذلك جماعة من الصحابة والتابعين، قال ابن حزم: ثبت على إباحتها - المتعة - بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ابن مسعود، ومعاوية، وأبو سعيد، وابن عباس، وسلمة، ومعبد ابنا أمية بن خلف، وجابر، وعمرو بن حريث، ورواه جابر عن جميع الصحابة: " مدة رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر " ثم قال: " ومن التابعين طاووس، وسعيد بن جبير، وعطاء وسائر فقهاء مكة ".



ونسب شيخ الاسلام المرغيناني القول بجواز المتعة إلى مالك، مستدلا عليه بقوله: " لانه - نكاح المتعة - كان مباحا فيبقى إلى أن يظهر ناسخه ".



ونسب ابن كثير جوازها إلى أحمد بن حنبل عند الضرورة في رواية وقد تزوج ابن جريح أحد الاعلام وفقيه مكة في زمنه سبعين امرأة بنكاح المتعة وسنتعرض إن شاء الله تعالى للبحث في هذا الموضوع عند تفسيرنا الاية الكريمة، ولكنا نتعرض هنا تعرضا إجماليا لاثبات أن مدلول الاية المباركة لم يرد عليه ناسخ.



وبيان ذلك: أن نسخ الحكم المذكور فيها يتوقف.



أولا: على أن المراد من الاستمتاع في الاية هو التمتع بالنساء بنكاح المتعة.



ثانيا: على ثبوت تحريم نكاح المتعة بعد ذلك.



أما الامر الاول: " إرادة التمتع بالنساء من الاستمتاع " فلا ريب في ثبوته وقد تظافرت في ذلك الروايات عن الطريقين، قال القرطبي: قال الجمهور المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الاسلام، وقرأ ابن عباس، وأبي، وابن جبير " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن اجورهن "، ومع ذلك فلا يلتفت إلى قول الحسن بأن المراد منها النكاح الدائم، وأن الله لم يحل المتعة في كتابه، ونسب هذا القول إلى مجاهد، وابن عباس أيضا، والروايات المروية عنهما أن الاية نزلت في المتعة تكذب هذه النسبة، وعلى كل حال فإن استفاضة الروايات في ثبوت هذا النكاح وتشريعه تغنينا عن تكلف إثباته، وعن إطالة الكلام فيه.



وأما الامر الثاني: " تحريم نكاح المتعة بعد جوازه " فهو ممنوع، فإن ما يحتمل أن يعتمد عليه القائل بالنسخ هو أحد امور، وجميعها لا يصلح لان يكون ناسخا، وهي:

1 - إن ناسخها هو قوله تعالى: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن"(2).



ونسب ذلك إلى ابن عباس ولكن النسبة غير صحيحة، فإنك ستعرف أن ابن عباس بقي مصرا على إباحة المتعة طيلة حياته.



والجواب عن ذلك ظاهر، لان الالتزام بالنسخ إن كان لاجل أن عدد عدة المتمتع بها أقل من عدة المطلقة فلا دلالة في الاية، ولا في غيرها، على أن عدة النساء لا بد وأن تكون على نحو واحد، وإن كان لاجل أنه لا طلاق في نكاح المتعة، فليس للاية تعرض لبيان موارد الطلاق، وأنه في أي مورد يكون وفي أي مورد لا يكون.



وقد نقل في تفسير المنار عن بعض المفسرين أن الشيعة يقولون بعدم العدة في نكاح المتعة.



سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم.



وهذه كتب فقهاء الشيعة من قدمائهم ومتأخريهم، ليس فيها من نسب إليه هذا القول، وإن كان على سبيل الشذوذ، فضلا عن كونه مجمعا عليه بينهم، وللشيعة مع هؤلاء الذين يفترون عليهم الاقاويل، وينسبون إليهم الاباطيل يوم تجتمع فيه الخصوم، وهنالك يخسر المبطلون.



2 - إن ناسخها قوله تعالى: " ولكم نصف ما ترك أزواجكم"(3) من حيث أن المتمتع بها لا ترث ولا تورث فلا تكون زوجة.



ونسب ذلك إلى سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، والقاسم بن أبي بكر.



الجواب: إن ما دل على نفي التوارث في نكاح المتعة يكون مخصصا لاية الارث ولا دليل على أن الزوجية بمطلقها تستلزم التوارث.



وقد ثبت أن الكافر لا يرث المسلم، وأن القاتل لا يرث المقتول، وغاية ما ينتجه ذلك أن التوارث مختص بالنكاح الدائم، وأين هذا من النسخ؟!!.



3 - إن ناسخها هو السنة، فقد رووا عن علي عليه السلام أنه قال لابن عباس: " إنك رجل تائه.



إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الاهلية زمن خيبر ".



وروى الربيع بن سبرة عن أبيه قال: " رأيت رسول الله (ص) قائما بين الركن والباب وهو يقول: يا أيها الناس إني قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شئ فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ".



وروى سلمة عن أبيه قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وآله عام أو طاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها ".



والجواب:

أولا: إن النسخ لا يثبت بخبر الواحد، وقد تقدم مرارا.



ثانيا: إن هذه الروايات معارضة بروايات أهل البيت (ع) المتواترة التي دلت على إباحة المتعة، وأن النبي لم ينه عنها أبدا.



ثالثا: إن ثبوت الحرمة في زمان ما على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لا يكفي في الحكم بنسخ الاية، لجواز أن يكون هذا الزمان قبل نزول الاباحة، وقد استفاضت الروايات من طرق أهل السنة على حلية المتعة في الازمنة الاخيرة من حياة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى زمان من خلافة عمر، فإن كان هناك ما يخالفها فهو مكذوب ولا بد من طرحه.



ولاجل التبصرة نذكر فيما يلي جملة من هذه الروايات:

1 - روى أبو الزبير قال: " سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه - نكاح المتعة - عمر في شأن عمرو بن حريث ".



2 - وروى أبو نضرة قال: " كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت، فقال: ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين - متعة الحج ومتعة النساء - فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثم نهانا عنهما عمر فلم نعدلهما ".



3 - وروى أبو نضرة عنه أيضا قال: " متعتان كانتا على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنهانا عنهما عمر فانتهينا ".



4 - وروى أبو نضرة عنه أيضا: " تمتعنا متعتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله: الحج والنساء فنهانا عنهما عمر فانتهينا ".



5 - وروى أبو نضرة عنه أيضا قال: " قلت إن ابن الزبير ينهى عن المتعة، وإن ابن عباس يأمر بها، قال: - جابر - على يدي جرى الحديث، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومع أبي بكر، فلما ولي عمر خطب الناس، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الرسول، وإن القرآن هذا القرآن، وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أنهى عنهما واعاقب عليهما، إحداهما متعة النساء، ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة..".



6 - وروى عطاء قال: " قدم جابر بن عبد الله معتمرا، فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر ".



وأخرج ذلك أحمد في مسنده، وزاد فيه: " حتى إذا كان في آخر خلافة عمر ".



7 - وروى عمران بن حصين قال: " نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى، وعملنا بها مع رسول الله (ص) فلم تنزل آية تنسخها، ولم ينه عنها النبي (ص) حتى مات ".



وذكرها الرازي عند تفسيره الاية المباركة بزيادة: " ثم قال رجل برأيه ما شاء ".



8 - وروى عبد الله بن مسعود قال: " كنا نغزو مع رسول الله (ص) ليس معنا نساء، قلنا ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"(4).



أقول: إن قراءة عبد الله الاية صريحة في أن تحريم المتعة لم يكن من الله ولا من رسوله، وإنما هو أمر حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.



9 - وروى شعبة عن الحكم بن عيينة قال: " سألته عن هذه الاية - آية المتعة - أمنسوخة هي؟ قال لا.



قال الحكم: قال علي لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ".



وروى القرطبي ذلك عن عطاء عن ابن عباس.



أقول: لعل المراد بالشقي - في هذه الرواية - هو ما فسر به هذا اللفظ في رواية أبي هريرة، قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يدخل النار إلا شقي، قيل: ومن الشقي؟ قال: الذي لا يعمل بطاعة، ولا يترك لله معصية ".



10 - وروى عطاء قال: " سمعت ابن عباس يقول: رحم الله عمر، ما كانت المتعة إلا رحمة من الله تعالى رحم الله بها أمة محمد (ص) ولولا نهيه لما احتاج إلى الزنا إلا شفا ".



ثم إن الروايات التي استند إليها القائل بالنسخ على طوائف، منها: ما ينتهي سنده إلى الربيع بن سبرة عن أبيه، وهي كثيرة، وقد صرح في بعضها بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قام بين الركن والمقام، أو بين الباب والمقام، وأعلن تحريم نكاح المتعة إلى يوم القيامة.



ومنها: ما روي عن علي (ع)أنه روى تحريمها عن رسول الله صلى الله عليه وآله.



ومنها: ما روي عن سلمة بن الاكوع.



أماما ينتهي سنده إلى سبرة، فهو وإن كثرت طرقه إلا أنه خبر رجل واحد " سبرة " وخبر الواحد لا يثبت به النسخ.



على أن مضمون بعض هذه الروايات يشهد بكذبها، إذ كيف يعقل أن يقوم النبي (ص) خطيبا بين الركن والمقام، أو بين الباب والمقام، ويعلن تحريم شئ إلى يوم القيامة بجمع حاشد من المسلمين، ثم لا يسمعه غير سبرة، أو أنه لا ينقله أحد من ألوف المسلمين سواه، فأين كان المهاجرون والانصار الذين كانوا يلتقطون كل شاردة وواردة من أقوال النبي صلى الله عليه وآله وأفعاله؟ وأين كانت الرواة الذين كانوا يهتمون بحفظ اشارات يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولحظات عينيه، ليشاركوا سبرة في رواية تحريم المتعة إلى يوم القيامة؟ ثم أين كان عمر نفسه عن هذا الحديث ليستغني به عن إسناد التحريم إلى نفسه؟!.



أضف إلى ذلك أن روايات سبرة متعارضة، يكذب بعضها بعضا، ففي بعضها أن التحريم كان في عام الفتح وفي بعضها أنه كان في حجة الوداع وعلى الجملة إن رواية سبرة هذه في تحريم المتعة لا يمكن الاخذ بها من جهات شتى.



وأما ما روي عن علي عليه السلام في تحريم المتعة فهو موضوع قطعا، وذلك لاتفاق المسلمين على حليتها عام الفتح، فكيف يمكن أن يستدل علي عليه السلام على ابن عباس بتحريمها في خيبر، ولاجل ذلك احتمل بعضهم أن تكون جملة (زمن خيبر) في الرواية المتقدمة راجعة إلى تحريم لحوم الحمر الاهلية، لا إلى تحريم المتعة، ونقل هذا الاحتمال عن ابن عيينة كما في المنتقى، وسنن البيهقي في باب المتعة.



وهذا الاحتمال باطل من وجهين:

1- مخالفته للقواعد العربية: لان لفظ النهي في الرواية لم يذكر إلا مرة واحدة في صدر الكلام، فلا بد وأن يتعلق الظرف به، فالذي يقول، أكرمت زيدا وعمرا يوم الجمعة، لا بد وأن يكون مراده أنه أكرمهما يوم الجمعة، أما إذا كان المراد أن إكرامه لعمرو بخصوصه كان يوم الجمعة فلا بد له من أن يقول: أكرمت زيدا، وأكرمت عمروا يوم الجمعة.



2 - إن هذا الاحتمال مخالف لصريح رواية البخاري، ومسلم، وأحمد عن علي عليه السلام أنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الانسية، وروى البيهقي - في باب المتعة - عن عبد الله بن عمر أيضا رواية تحريم المتعة يوم خيبر.



وأما ما روي عن سلمة بن الاكوع عن أبيه، قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها " فهو خبر واحد، لا يثبت به النسخ، على أن ذلك لو كان صحيحا لم يكن خفيا عن ابن عباس وابن مسعود، وجابر، وعمرو بن حريث، ولا عن غيرهم من الصحابة والتابعين وكيف يصح ذلك ولم يحرم أبو بكر المتعة أيام خلافته، ولم يحرمها عمر في شطر كبير من أيامه، وإنما حرمها في أواخر أمره.



وقد مر عليك كلام ابن حزم في ثبوت جماعة من الصحابة والتابعين على إباحة المتعة، ومما يدل على ما ذكره ابن حزم من فتوى جماعة من الصحابة بإباحة المتعة: ما رواه ابن جرير في تهذيب الاثار، عن سليمان بن يسار، عن أم عبد الله ابنة أبي خيثمة: " إن رجلا قدم من الشام فنزل عليها، فقال: إن العزبة قد اشتدت علي فابغيني امرأة أتمتع معها، قالت: فدللته على امرأة فشارطها وأشهدوا على ذلك قالت: فدللته على امرأة فشارطها وأشهدوا على ذلك عدولا، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه خرج فأخبر عن ذلك عمر بن الخطاب، فأرسل إلي فسألني أحق ما حدثت؟ قلت: نعم: قال: فإذا قدم فآذنيني به، فلما قدم أخبرته فأرسل إليه، فقال: ما حملك على الذي فعلته؟ قال: فعلته مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثم لم ينهنا عنه حتى قبضه الله ثم مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه الله، ثم معك فلم تحدث لنا فيه نهيا، فقال عمر: أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك، بينوا حتى بعرف النكاح من السفاح ".



وما رواه ابن جرير أيضا، وأبو يعلى في مسنده، وأبو داود في ناسخه عن علي عليه السلام قال: " لو لا ما سبق من رأي عمر بن الحطاب لامرت بالمتعة، ثم ما زني إلا شقي ".



وفي هاتين الروايتين وجوه من الدلالة على أن التحريم إنما كان من عمر:

الاول: شهادة الصحابي، وشهادة علي عليه السلام على أن تحريم المتعة لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه واله وسلم ولا بعده إلى أن حرمها عمر برأيه.



الثاني: شهادة العدول عن المتعة في الرواية الاولى، مع عدم نهيهم عنها تدل على أنهم كانوا يجوزونها.



الثالث: تقرير عمر دعوى الشامي أن النبي صلى الله عليه واله وسلم لم ينه عنها.



الرابع: قول عمر للشامي: " لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك " فإنه صريح في أن عمر لم يتقدم بالنهي قبل هذه القصة، ومعنى ذلك: أن عمر قد اعترف بأن المتعة لم ينه عنها قبل ذلك.



الخامس: قول عمر: " بينوا حتى بعرف النكاح من السفاح " فإنه يدل على أن المتعة كانت شايعة بين المسلمين، فأراد أن يبلغ نهيه عن المتعة إليهم لينتهوا عنها بعد ذلك، ولعل لهذه القصة دخلا مباشرا أو غير مباشر في تحريم عمر للمتعة، فإن إنكاره على الشامي عمله هذا مع شهادة الحديث بأن التمتع كان أمرا شايعا بين المسلمين ووصول الخبر إليه، مع أن هذه الاشياء لا يصل خبرها إلى السلطان عادة، كل هذا يدلنا على أن في الامر سرا جهلته الرواة، أو أنهم أغفلوه فلم يصل إلينا خبره.



ويضاف إلى ذلك أن رواية سلمة بن الاكوع ليس فيها ظهور في أن النهي كان من النبي صلى الله عليه واله وسلم فمن المحتمل ان لفظ نهي في الرواية بصيغة المبني للمفعول وأريد منه نهي عمر بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.



وعلى الجملة: انه لم يثبت بدليل مقبول نهي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن المتعة ومما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم ينه عن المتعة: أن عمر نسب التحريم إلى نفسه حيث قال: " متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأنا أنهى عنهما واعاقب عليهما ولو كان التحريم من النبي صلى الله عليه واله وسلم لكان عليه أن يقول: نهى النبي عنهما.



4 - ان ناسخ جواز المتعة الثابت بالكتاب والسنة هو الاجماع على تحريمها.



والجواب عن ذلك: أن الاجماع لا حجية له إذا لم يكن كاشفا عن قول المعصوم وقد عرفت أن تحريم المتعة لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه واله وسلم ولا بعده إلى مضي مدة من خلافة عمر، أفهل يجوز في حكم العقل أن يرفض كتاب الله وسنة نبيه بفتوى جماعة لم يعصموا من الخطأ؟ ولو صح ذلك لامكن نسخ جميع الاحكام التي نطق بها الكتاب، أو أثبتتها السنة القطعية، ومعنى ذلك أن يلتزم بجواز نسخ وجوب الصلاة، أو الصيام، أو الحج بآراء المجتهدين، وهذا مما لا يرضى به مسلم.



أضف إلى ذلك: أن الاجماع لم يتم في مسألة تحريم المتعة، وكيف يدعي الاجماع على ذلك، مع مخالفة جمع من المسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم ومن بعده ولا سيما أن قول هؤلاء بجواز المتعة موافق لقول أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وإذن فلم يبقل إلا تحريم عمر.



ومن البين أن كتاب الله وسنة نبيه أحق بالاتباع من غيرهما، ومن أجل ذلك أفتى عبد الله بن عمر بالرخصة بالتمتع في الحج، فقال له ناس: " كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك، فقال لهم: ويلكم ألا تتقون..."



أفرسول الله صلى الله عليه واله وسلم أحق أن تتبعوا سنته أم سنة عمر؟ ".



وخلاصة ما تقدم: أن جميع ما تمسك به القائلون بالنسخ لا يصلح أن يكون ناسخا لحكم الاية المباركة، الذي ثبت - قطعا - تشريعه في الاسلام.



الرجم على المتعة: قد صح في عدة روايات - تقدم بعضها - أن عمر حكم بالرجم على المتعة، فمنها ما رواه جابر، قال: " تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القرآن قد نزل منازله، فأتموا الحجة والعمرة لله كما أمركم، وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة ".



ومنها: ما رواه الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب، فقالت: " إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر يجر رداءه فزعا، فقال: هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيه لرجمته ".



ومنها: ما رواه نافع عن عبد الله بن عمر: " إنه سئل عن متعة النساء، فقال: حرام، أما إن عمر بن الخطاب لو أخذ فيها أحدا لرجمه ".



ونهج ابن الزبير هذا المنهج، فإنه حينما أنكر نكاح المتعة، قاله له ابن عباس: " إنك لجلف جاف، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين - رسول الله - فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لارجمنك بأحجارك ".



وهذا من الغريب، وكيف يستحق الرجم رجل من المسلمين خالف عمر في الفتيا، واستند في قوله هذا إلى حكم رسول الله (ص) ونص الكتاب، ولنفرض أن هذا الرجل كان مخطئا في اجتهاده، أفليست الحدود تدرأ بالشبهات؟! على أن ذلك فرض محض، وقد علمت أنه لا دليل يثبت دعوى النسخ.



وما أبعد هذا القول من مذهب أبي حنيفة، حيث يرى سقوط الحد إذا تزوج الرجل بامرأة نكاحا فاسدا أو بإحدى محارمه في النكاح، ودخل بها مع العلم بالحرمة وفساد العقد وأنه إذا استأجر امرأة فزنى بها، سقط الحد لان الله تعالى سمى المهر أجرا.



وقد روي نحو ذلك عن عمر بن الخطاب أيضا.



مزاعم حول المتعة: زعم صاحب المنار أن التمتع ينافي الاحصان، بل يكون قصده الاول المسافحة، لانه ليس من الاحصان في شئ أن تؤجر المرأة نفسها كل طائفة من الزمن لرجل، فتكون كما قيل: كرة حذفت بصوالجة فتلقفها رجل رجل وزعم أنه ينافي قوله تعالى: " والذين هم لفروجهم حافظون"(5).



إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين"(6).



فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"(7).



ثم ذكر أن تحريم عمر لم يكن من قبل نفسه، فإن ثبت أنه نسبه إلى نفسه فمعناه أنه بين تحريمها، أو أنه أنفذه.



ثم إنه استغفر بعد ذلك عما كتبه في المنار من أن عمر منع المتعة اجتهادا منه ووافقه عليه الصحابة.



ودفعا لهذه المزاعم نقول: أما حكاية منافاة التمتع للاحصان فهو مبني على ما يزعمه هو من أن المتمتع بها ليست زوجة، وقد أوضحنا - فيما تقدم - فساد هذا القول ومنه يظهر أيضا فساد توهمه أن جواز التمتع ينافي وجوب حفظ الفروج على غير الازواج.



وأما تعبيره عن عقد المتعة بإجارة المرأة نفسها، وتشبيه المرأة بالكرة التي تتلقفها الايدي، فهو - لو كان صحيحا - لكان ذلك اعتراضا على تشريع هذا النوع من النكاح على عهد رسول الله (ص) لان هذا التشبيه والتقبيح لا يختص بزمان دون زمام، ولا يشك مسلم في أن التمتع كان حلالا على عهد رسول الله (ص) وقد عرفت - فيما تقدم - أن إباحته استمرت حتى إلى مدة من عهد عمر.



ومن الغريب: أن يصرح - هنا - انه لم يقصد غير بيان الحق، وانه لا يتعصب لمذهب، ثم يجره التعصب إلى أن يشنع على ما ثبت في الشرع الاسلامي بنص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وإن وقع الاختلاف بينهم في نسخه واستمراره.



أضف إلى ذلك أن انتقال المرأة من رجل إلى رجل لو كان قبيحا لكان ذلك مانعا عن طلاق المرأة في العقد الدائم، لتنتقل إلى عصمة رجل آخر، وعن انتقال المرأة بملك اليمين، ولم يستشكل في ذلك أحد من المسلمين، إلا أن صاحب المنار في مندوحة عن هذا الاشكال، لانه يرى المنع من الاسترقاق، وأن في تجويزه مفاسد كثيرة، وزعم أن العلماء الاعلام أهملوا ذكر ذلك، وذهب إلى بطلان العقد الدائم، إذا قصد الزوج من أول الامر الطلاق بعد ذلك، وخالف في ذلك فتاوى فقهاء المسلمين.



ومن الغريب أيضا: ما وجه به نسبة عمر تحريم المتعة إلى نفسه، فإنه لا ينهض ذلك بما زعمه، فإن بيان عمر للتحريم إما أن يكون اجتهادا منه على خلاف قول النبي (ص) ، وإما أن يكون اجتهادا منه بتحريم النبي إياها، وإما أن يكون رواية منه للتحريم عن النبي صلى الله عليه واله وسلم.



أما احتمال أن يكون قوله رواية عن النبي فلا يساعد عليه نسبة التحريم، والنهي إلى نفسه في كثير من الروايات.



على أنه إذا كان رواية، كانت معارضة بما تقدم من الروايات الدالة على بقاء إباحة المتعة إلى مدة غير يسيرة من خلافة عمر، وأين كان عمر أيام خلافة أبي بكر؟ وهلا أظهر روايته لابي بكر ولسائر المسلمين؟ على أن رواية عمر خبر واحد لا يثبت به النسخ.



وأما احتمال أن يكون قول عمر هذا اجتهادا منه بتحريم النبي نكاح المتعة فهو أيضا لا معنى له بعد شهادة جماعة من الصحابة بإباحته في زمان رسول الله (ص) إلى وفاته.



على أن اجتهاده هذا لا يجدي غيره ممن لم يؤمر باتباع اجتهاده ورأيه، بل وهذان الاحتمالان مخالفان لتصريح عمر في خطبته: " متعتان كانتا على عهد رسول اله (ص) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ".



وإذن فقد انحصر الامر في أن التحريم كان اجتهادا منه على خلاف قول رسول الله بالاباحة، ولاجل ذلك لم تتبعه الامة في تحريمه متعة الحج وفي ثبوت الحد في نكاح المتعة، فإن اللازم على المسلم أن يتبع قول النبي (ص) وأن يرفض كل اجتهاد يكون على خلافة: " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم(8).



وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: " ما أحللت إلا ما أحل الله، ولا حرمت إلا ما حرم الله ".



وقال صلى الله عليه واله وسلم: " فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه - فمه - إلا حق ".



ومع هذا كله: فقد قال القوشجي في الاعتذار عن تحريم عمر المتعة، خلافا لرسول الله وأجيب: " بأن ذلك ليس مما يوجب قدحا فيه، فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع ".



وقال الامدي: اختلفوا في أن النبي (ص) هل كان متعبدا بالاجتهاد فيما لا نص فيه؟ فقال أحمد بن حنبل، والقاضي أبو يوسف: " إنه كان متعبدا به " وجوز الشافعي في رسالته ذلك من غير قطع، وبه قال بعض أصحاب الشافعي والقاضي عبد الجبار، وأبو الحسين البصري، ثم قال: والمختار جواز ذلك عقلا ووقوعه سمعا ".



وقال فيه أيضا: القائلون بجواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه واله وسلم اختلفوا في جواز الخطأ عليه في اجتهاده، فذهب بعض أصحابنا إلى المنع من ذلك، وذهب أكثر أصحابنا، والحنابلة، وأصحاب الحديث، والجبائي، وجماعة من المعتزلة إلى جوازه، لكن بشرط أن لا يقر عليه وهو المختار.



وحاصل ما تقدم: أن آية التمتع لا ناسخ لها، وأن تحريم عمر، وموافقة جمع من الصحابة له على رأيه طوعا أو كرها إنما كان اجتهادا في مقابل النص، وقد اعترف بذلك جماعة، وأنه لا دليل على تحريم المتعة غير نهي عمر، إلا أنهم رأوا أن اتباع سنة الخلفاء كاتباع سنة النبي.



وعلى أي فما أجود ما قاله عبد الله بن عمر: " أرسول الله صلى الله عليه واله وسلم أحق أن تتبع سنته أم سنة عمر "، وما أحق ما قاله الشيخ محمد عبده في تفسير قوله تعالى: " الطلاق مرتان ".



المصدر:

البيان في تفسير القرآن، لزعيم الحوزة العلمية: سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي.

1- البقرة/24

2- الطلاق/1

3- النساء/12

4- المائدة/87

5- المؤمنون/5

6- المؤمنون/6

7- المؤمنون/7

8- الأحزاب/36


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://awttany.ahlamontada.com
 
مناقشة ادعاء نسخ آية: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مناقشة ادعاء نسخ آية: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت...)
» مناقشة ادعاء نسخ آية: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم...)
» مناقشة ادعاء نسخ آية: (وأحل لكم ما وراء ذلكم)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقسام الشرعية :: القرآن والتفسير :: علوم القرآن-
انتقل الى: