ألا ترونَ أننا نقتلُ فرحة العيد ؟!
ألا ترونَ أننا نُدخِلُ العيدَ قبلَ العيد .. ونقتلُ فرحتهُ قبلَ بدايتهِ باستهلاكِ عباراتِ التهنئةِ والمُعايدة قبلَ ذلك بثلاثةِ أيامٍ أو أربعة ؟!
لِمَ لا نتركُ ذلكَ في بدايةَ اليومِ الأولِ ؟ حتى نعيشَ فرحتَهُ ، ونستشعِرَ نشوَتهُ ؛ بعدَ قضاءِ شهرٍ كامل مليءٍ بالطاعةِ والعبادة ..
إننا – أيضاً – نقتلُ فرحةَ العيد بالسهرِ المُتواصلِ طيلةَ ليلتِه ، ثمّ النوم ِ المتأخِّر .. لِتذهبَ بعدَ ذلكَ صلاةُ الفجرِ وشهودِ صلاةِ العيدِ مع المُسلمين ، إضافةً إلى ضياعِ نهارِ هذا اليوم في النومِ والكسل .. وهوَ اليومُ الذي دُعينا فيهِ إلى الفرَحِ والسرورِ والمودة والتواصُل ..
إننا – كذلك – نقتلُ فرحةَ العيد بتقليبِ المواجعِ والمآسي التي تحيطُ بمجتمعِنا وأمّتنا ليلاً أو نهاراً .. وهذا يُخالفُ هديَ ديننا الذي دعانا إلى إظهارِ الفرَح والبهجةِ والسرور في هذا اليوم .. " قل بفضلِ اللهِ وبرَحمتهِ فبِذلكَ فلْيفرحوا " ..
أنا لا أدعو إلى تجاهُلِ مآسينا أو نسيانها .. لكن دعونا نفرَحُ في ذلكَ اليومِ وفقط ، فرَحاً بفضلِ اللهِ ورحمته ، فرحاً بما منّ اللهُ بهِ علينا من إتمامِ الصيامِ في شهرِ رمضان .
إنّنا نقتلُ بهجةَ العيدِ بقضاءِ نهارهِ في اللهوِ المحرّمِ الممنوع ، وقضاءِ ليلهِ في السهرِ على ما يُغضِبُ الله ورسولهِ ؛ ثمّ النوم متأخراً لِتضيعَ بعدَ ذلكَ صلاةُ الفجرِ في جماعة ، بل حتّى يخرُجَ وقتُها ويضيع ..
إنهُ - بحمدِ الله – لَيوجدُ في زماننا هذا من اللهوِ المُباحِ المُعتدِل ما يُغني عنِ الحرام .. فهلاّ تركنا الحرامَ طاعةً للهِ والْتزاماً بشرعه ؟
إننا نقتلُ فرحةَ العيدِ بتمزيقِ الأواصِرِ ، وقطعِ الصِّلةِ بالأرحامِ والأقاربِ والأحباب .. ويومُ العيدِ فرصةٌ لتنقيةِ القلوبِ وتصفيةِ النفوسِ مما علِقَ بها طِوالَ العامِ من البغضاءِ والشحناء .. فهلاّ جُدنا بالعفوِ والصفحِ والإحسان " فمن عفا وأصلحَ فأجرُهُ على اللهِ إنهُ لا يُحبُّ الظالمين "
إنّني أدعوكم ونفسي إلى الفرَحِ في هذا اليوم ، وإدخالِ الأنسِ والسعادةِ على قلوبِ الأهلِ والأقاربِ والأصحاب ، ونسيانِ الماضي وما يحملهُ من متاعبٍ وهمومٍ ومشاكل ..
تقبّلَ اللهُ منِّي ومنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ العمَل ، وكلُّ عامٍ وأنتم بألفِ خير ..