الإمام المبين أبين الحق من الباطل
(... وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) يس/12
إنَّ الإنسان في سعيه وحركته في هذه الحياة ليس متروكًا سدى، بل إنَّ كل مواقفه وأعماله وحركاته مسجلة ومرصودة، ولابد لها من مرجعية تستند عليها، فالآية الكريمة قد تلت جملة من الآيات تناولت قضايا معينة تمثل أصولا في العقيدة الإسلامية كالتأكيد على بعثة الرسول العظيم صلى الله عليه وآله وسلم والتأكيد على أن مصدرية الرسالة هو الله العزيز الحكيم، كما أنها تناولت أيضًا صفات للمؤمنين كخشيتهم الرحمن بالغيب...
ومن الطبيعي أن الإنسان في حركته بالاتجاهين الإيجابيّ الإيمانيّ أو السلبيّ الضَّلاليّ فإنَّه محاسب على أفعاله كلها وأن جميع هذه الأعمال قد أحصيت وأعدت في صحف يقرأها الإنسان ويحاسب نفسه بنفسه ﴿ كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾الجاثية/29
ولكن ما هو الإمام المبين الذي أحصيت فيه هذه الأشياء؟
قيل إنَّه اللوح المحفوظ الذي أودعت فيه كل الأشياء، وقيل إنه الكتاب الذي يقرأه الإنسان ويقرُّ فيه على نفسه ويقال له (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) الإسراء/14، وقيل إنَّ الإمام المبين هو الإمام الحق الذي هو يمثل الامتداد الرسالي للنَّبي الأعظم (ص).
وقد ورد في الرواية أنَّه لمَّا نزلت هذه الآية على رسول الله (ص) (... وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)، قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا: "يا رسول الله هو التوراة". قال (ص): "لا". قالا: "هو الإنجيل". قال (ص): "لا". قالا: "فهو القرآن". قال (ص): "لا".
فأقبل أمير المؤمنين (ع) فقال رسول الله (ص): "هو هذا إنَّه الإمام الذي أحصى الله فيه علم كُلِّ شيء".
وروي عن أمير المؤمنين (ع) قوله: "أنا والله الإمام المبين، أبين الحقّ من الباطل، ورثته من رسول الله (ص)".