مسئولية الكلمة من منظور اسلامى (منقول للامانــــــة)
حديثنا اليوم عن
مسئولية الكلمة في الإسلام، والهدي العلمي النبوي في حفظ اللسان من الكذب
والفحش والنفاق ومساندة العصاة، والمذنبين. فقد أخرج
البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد ليتكلم
بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا، يرفعه الله بها درجات، وان العبد
ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم".
فالعبد عندما يقول كلمة الحق في الموقف
العابر، ويظن أنه لم يفعل شيئا يرفعه الله بها درجات يوم القيامة، وعندما
يستخدم لسانه في الأمر بالمعروف، والحكمة والموعظة الحسنة، فإنه يدخل
الجنة، ويرفع الله درجاته جزاء حصاد لسانه، والعبد قد يتكلم الكلمة البذيئة
أو الفاحشة، أو الظالمة، أو المفسدة، أو المضحكة، والتي يظن أنها كلمة
عابرة، يدخله الله بها نار جهنم والعياذ بالله.
فالحديث يعلم المسلم أمانة الكلمة، وحفظ
اللسان، ولو اهتدى المسلمون بالهدي العلمي النبوي في حفظ اللسان ما اغتاب
مسلم مسلما، وما تلفظ مسلم بكلمة نابية حتى ولو كان مازحا، وما شهد مسلما
كذبا على أي إنسان، وما تغنى المسلم بالفحش من القول، واللهو غير المباح،
ولو اهتدى المسلمون بالهدي العلمي النبوي لأمر المسلم بالمعروف بلسانه،
بالموعظة الحسنة، ولوعظ الناس بطاعة الله، وتحدث بالحديث المفيد، ولعلم
الناس الخير وما ضن عليهم بالعلم، ولمن لا يقدر على ذلك فالصمت أنفع. فعن
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن
بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" رواه البخاري ومسلم.
وفي هذا الحديث، يعلمنا المصطفى محمد
صلى الله عليه وسلم انه ينبغي أن لا يتكلم المسلم إلا إذا كان الكلام خيرا،
وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور مصلحة فلا يتكلم.
واعلم أخي المسلم أن الصمت في بعض
المواقف مهلك فالصمت على العاصي المتجبر على الضعفاء من القادرين على
الكلام مهلك، ومن وقف موقفا يظلم فيه مسلم ضعيف وهو قادر على نصره فقد برئت
منه ذمة الله. ولو طبق المسلمون الهدي العلمي النبوي في أمانة الكلمة،
لكانت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة للمسلمين من أصدق وأعظم
وسائل الإعلام، ولانتشر بين العالم أن هؤلاء القوم يتحرون الصدق، ويبتعدون
عن الكذب، ولأرسلت وسائل إعلامنا المراسلين الصادقين إلى مواقع الأحداث،
ينقلون للناس الخبر الصحيح، والكلمة الصادقة، ووثق المسلمون في وسائل
إعلامهم المسلمة، ولو طبق المسلمون هذا الهدي العلمي النبوي في الكلمة ما
أنشأت بعض الدول الإسلامية إذاعات محلية كل همها سب بعض المسلمين،
وتحقيرهم، وتتبع عوراتهم، وإذاعة أسرارهم الخاصة على العالم، ولعجزت تلكم
الدول عن الحصول على من يذيعون لهم تلك الأكاذيب والافتراءات على المسلمين
خوفا من الله، وحفاظا على المسلمين، وأعراضهم، وسمعتهم، فعن أبي هريرة رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل المسلم على المسلم
حرام، دمه، وعرضه، وماله". رواه مسلم
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده". متفق عليه.
فتصور معي أخي المسلم المسلمين، وقد
طبقوا هذا الهدي العلمي النبوي، لسادت المحبة والمودة بينهم، ولتحولوا إلى
مجتمعات فاضلة، ولكن بعض أفراد المجتمعات الإسلامية، لا هم لهم ولا شغل إلا
تتبع عورات المسلمين، والحديث عنهم بما يكرهون، ولو طبق المسلمون الهدي
العلمي النبوي الاجتماعي في حفظ اللسان، وأمانة الكلمة، لسادت الطمأنينة في
حياتهم، واختفت كثير من المشاكل الاجتماعية المترتبة على الغيبة،
والثرثرة، والقيل والقال، وفازوا برضى الله عنهم، ولساروا على الهدي العلمي
النبوي في حفظ اللسان، فعن عقبة بن عامر رضي الله
عنه قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال: "امسك عليك لسانك، وليسعك بيتك،
وابك على خطيئتك" رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث حسن.
واللسان أخي المسلم هو العضو الموكل
بالكلام عما يجول بنفس الإنسان، وخاطره، و مخه، فإذا استقام استقامت
الجوارح الأخرى، وإذا اعوج اعوجت الجوارح الأخرى – فعن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أصبح
ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان (أي تذل وتخضع) تقول: اتق الله فينا
فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا" رواه الترمذي
وصححه ابن خزيمة.
وليس معنى حفظ اللسان السكوت عن
المنكرات وأن العاصي يرتع في المجتمع المسلم بلا رادع ولا مظهر ولا دال،
ولكن حفظ اللسان ردع العصاة به، والتبيين للذين يحبون أن تشيع الفاحشة في
الذين آمنوا، وللدلالة على المرجفين في ديار المسلمين.
وإذا استقام اللسان ما سمعنا الأغاني
ذات الكلمات الهابطة، والنكات الجارحة، والإشاعات الكاذبة المغرضة، ولصفت
حياة المسلمين وسادتها المحبة والوئام،فاللهم نق ألسنتنا من الكذب والخداع،
أبعدنا عن الفحش في القول، واجعل حصاد ألسنتنا فيما يرضيك، ولا تجعلنا ممن
تكبهم ألسنتهم على مناخيرهم في جهنم، وطهر حياة المسلمين من السب واللعن،
وتتبع العورات