التغذية السليمة للأم أثناء فترة الحمل والرضاعة
التغذية الصحيحة خلال مرحلة الحمل هي من أهم وأثمن السمات السحرية العظيمة التي من شأنها أن تنتج الحياة.
تظهر التغذية قبل وخلال مرحلة الحمل فرقا جلياً بين الصحة المرض، كما تدعم التغذية الصحيحة بنية الطفل طوال فترة حياته.
إن
كلمة "مفتاح التغذية خلال مرحلة الحمل" لا تعني زيادة الطعام أو المأكولات
الرديئة التي تكون عالية بالسعرات الحرارية وخالية من الفيتامينات، ولا
المأكولات المشبعة الدهنيات أو الأملاح، إنما تعني تناول المأكولات المغذية
التي تمنح إضافة الى الطاقة البروتين، الكالسيوم، الحديد، الزنك،
الفيتامينات والأملاح المعدنية.
إن انتباه الأم لصحتها هو من
العوامل المهمة أيضا للحمل الصحيح. فمثلا إذا كان هناك خلل ما او نقص في
المواد التغذوية، فان ذلك النقص أو الخلل سيتضاعف حتماً أثناء مرحلة الحمل
والرضاعة، وإن الدخول في مرحلة الحمل معانين من نقص في المواد التغذوية أو
فقر دم سيؤدي الى مشاكل في الحمل وما بعده. لذلك عند التفكير بالحمل وإنجاب
الأطفال، يجب ان تعتني المرأة بصحتها وكذلك الرجل.
يُنصح كل من
يرغب بإنجاب الأطفال أن يعمد الى البدء بحياة صحية وعادات تغذوية جيدة، وأن
يقلع عن التدخين وشرب المنبهات والكحول والأدوية ومعالجة كل المشاكل
الصحية.
إن الوحدات الحرارية الإضافية المطلوبة خلال فترة الحمل هي
300-400 وحدة في اليوم، أي أنه يصبح مجموع معدل الوحدات الحرارية المطلوبة
للمرء يومياً 2400-2600 وحدة، أي بنسبة 15-20% زيادة عن الوحدات الحرارية
اليومية الأساسية. لزيادة هذه السعرات يمكن تناول الحلويات أو السكريات،
ولكن مع الانتباه الى أنها لن تمنح الجسم والجنين التغذية السليمة
المطلوبة، لذلك يجب أن يكون مصدر هذه الوحدات من الأطعمه الكاملة المحتوية
أيضا على الفيتامينات، والبروتينات والأملاح المعدنية.
يحتاج الجسم
الى جانب السعرات الحرارية ضعفي كمية البروتينات المطلوبة يومياً (45
غرام)، لتصبح الكمية المطلوبة حوالي85-100غرام، هذه البروتينات مهمة جداً
لبناء الأنسجة النامية للجنين والأم معاً.
البروتين
من أهم مصادر البروتين اللحم الأحمر، السمك، الدجاج، البيض، والأجبان والألبان.
تُنصح
النساء اللواتي يتبعن النظام الغذائي النباتي أن يتناولن الحبوب المتنوعة،
المكسرات، الفستق، والبيض يومياً نسبة لفائدتها وأهميته. وبما أن
الفيتامين B12 قلما يوجد في الخضار، وهو غالباً موجود في اللحوم، لذا تتعرض
الحامل التي تتبع نظام الغذائي النباتي الى نقص في هذا الفيتامين.
الأملاح المعدنية
توجد
غالباً في الفستق، بزور ميال الشمس، براعم النباتات، طحالب البحر
والمأكولات البحرية، وهي تحتوي على كمية وافرة من فيتامين B12 .
الكالسيوم
تحتاج
الحامل الى الكالسيوم بنسبة تزيد عن 50% من المعدل الطبيعي، خصوصاً في
المرحلة الثانية من الحمل، وإذا لم تتناول المعدل الكافي من الكالسيوم فإن
الكالسيوم الأساسي في جسم الأم سوف يسحب منها الى الجنين، ولذلك يجب على
الأم أن تتناول 1200غرام من الكالسيوم يومياً، ويُصعب الحصول على هذه
الكمية إذا لم تتناول الأم منتجات الحليب، السمك، الحبوب الكاملة، الحنطة،
الفستق، المكسرات، الأوراق الخضراء، طحالب البحر.
الكالسيوم ليس
مهماً فقط لبناء الهيكل العظمي للجنين وأسنانه، إنما ضروري لعمل القلب،
سائر عضلات الجسم، خلايا التخثر، ووظائف الأعصاب.
ملاحظة: اللحوم تحتوي على بعض الكالسيوم ولكنها تحتوي على نسبة عالية من الفوسفور الذي يعيق امتصاص الكالسيوم.
الحديد
من العناصر المهمة لبناء كريات الدم للأم والطفل والمقاومة من الأمراض.
تتضاعف
الحاجة للحديد خلال مرحلة الحمل، لذا على الحامل ان تحصل على 20 ملغم
إضافية من الحديد يوميا،ً وكون امتصاص الجسم للحديد من الوظائف الصعبة،
ونسبة امتصاصه تتراوح بين 10-20%. لذا على الحامل ان تأخذ حوالي 100 غرام
من الحديد يومياً، وإذا كانت تعاني من فقر دم عليها تناول نسبة أكبر.
يصعب
على المرأة الحامل تأمين حاجتها للحديد من الطعام فقط، إلا إذا كان طعامها
مبني على تناول كبد العجل (اللحمة الحمراء عجل أو غنم)، خمائر القمح،
البيض، الدجاج، ولا ننسى أن سمك السلمون هو مصدر مهم للحديد، وهو لا يتوفر
عند معظم الناس، وهناك أيضاً مصادر نباتية للحديد مثل الخميرة، الدبس،
الزبيب، السبانخ، المكسرات، الفطر، الطحالب البحرية، الخوخ والخوخ المجفف،
الشمندر، والبقول مثل الفول والحمص وغيرها. وإذا لم تتمكن الحامل من الحصول
على النسبة الكافية من الحديد في غذائها اليومي، فسوف تتعرض خزانات الحديد
لديها للنفاذ مما يسبب خللا في إنتاج الخلايا الدموية مؤديا الى فقر الدم
الذي يترافق مع عوارض التعب الحاد وعدم المقدرة على مزاولة الحياة
الاعتيادية. لا يكفي للمرأة أن تتناول حبوب الحديد كبديل، بل عليها إتباع
نظام غذائي بتناول الطعام على 3 مراحل يومياً لزيادة فرص امتصاص الجسم
للحديد.
الزنك
هو من العناصر المعدنية المهمة للحمل، ويساعد في عملية تطور الجهاز المناعي عند الطفل، يوجد في المأكولات التي يتواجد فيها الحديد.
حامض الفوليك
هو
من العناصر التغذوية الضرورية خلال مرحلة الحمل التي تساعد في بناء خلايا
الدم الحمراء، نمو وتكاثر باقي الخلايا في الجسم والجهاز العصبي للجنين.
يلعب
حامض الفوليك دوراً مهماً في عملية تنشيط الشهية للطعام لدى النساء
الحوامل، وبما ان الحاجة له تتضاعف أثناء فترة الحمل، لذا على الأم تناول
حوالي 800 ميكروغرام من هذا الحامض يومياً. وهو متوفر بأوراق الخضار
الخضراء، الحبوب، الخمائر، السمك، منتجات الحليب، والكبد.
ومن العناصر المهمة التي تزداد الحاجة إليها خلال الحمل فيتامينات .A ,E ,C ,B6
وليس
من الضروري أن يزداد الفيتامين Cبكميات كبيرة وغير محددة، إنما تناول
50-100غرام 3 مرات يوميا يساعد على امتصاص الحديد، الكالسيوم، المغنيزيوم،
الفوليك، الزنك، والفيتامين.A
لسنوات طويلة كان الأطباء ينصحون
بتجنب الملح، لكنهم الآن ينصحون بتناوله بكميات عادية، وإن ميول الحامل الى
الكبيس والزيتون والمأكولات الحامضة من الممكن ان يكون ناتجا عن حاجة
الجسم الى الملح؛ وبالرغم من حاجة الجسم الى الملح لزيادة الدورة الدموية،
إلا ان زيادته تؤدي الى احتباس السوائل في الجسم، إرتفاع الضغط الشرياني،
وتعريض الأم والطفل الى مشاكل صحية أخرى.
إن تناول اللحوم، الأجبان، البيض، الأسكالوب، واللفت يعطي الجسم حاجته من الملح، ولا يجب تناول المأكولات المملحة مثل التشيبس وغيره.
مستجدات:
هناك تغيرات حصلت في الآونة الأخيرة بالنسبة لموضوع الحمل والولادة، وهي
تتعلق بزيادة الوزن خلال فترة الحمل. فمنذ 20 سنة حتى الآن، كان الأطباء
ينصحون بأن تكون زيادة الوزن خلال الحمل 9 كيلو غرامات، أما الآن أصبح
الهدف أن تكون الزيادة بين 9.555-11.300 غراما، أي بنسبة 20 % زيادة عن
الوزن المثالي. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن ارتفاع الوزن حتى 13.600
يكون مقبولاً إذا كان الطعام من مصدر طبيعي ولا يحتوي على مواد حافظة أو
كيميائية. لكن الوزن الأنسب هو 11.325 غراما.
الجدير ذكره أن اكبر
نسبة ارتفاع في الوزن تحصل في مرحلة الحمل الأخيرة، وهي تتراوح ما
بين4530-6795 غراماً، أما في المرحلة الثانية من الحمل فتتراوح ما بين
3624-5436 غراماً، وما بين 1359-1812 غراماً في المرحلة الأولى من الحمل
(أول ثلاث أشهر).
تحتاج المرأة الحامل الى كل شيء كونها ستلد
مولوداً جديداً يحتاج الى كل انواع المغذيات، وكونها تمنح طفلها كل ما
يحتاجه من غذاء، فهي تستنفذ كل ما لديها من مكونات غذائية. ان استرجاع الأم
لهذه المكونات يتطلب وقتاً طويلا لاسترجاع هذه المواد وربما سنوات مما
يجعلها عرضةً لأمراض الفقر الغذائي والمناعي وغيرهما.
لا يساهم
الغذاء الصحيح في بنية الجنين فقط، بل يساهم في بنية كيس الرحم والرحم ذاته
وأنسجة الثديين والسائل الأمنيوني، كما وان الدورة الدموية تزداد بنسبة
25-50%. فالأم بحاجة للحديد، فيتامين B12 ، الفوليك، الزنك، النحاس،
الكالسيوم، المغنيزيوم، والبروتينات كلها من اجل دعم هذا الدم الجديد.
ما هو أفضل غذاء للأم ؟
على
الأم أن تتناول الطعام الذي يحتوي على كل العناصر التغذية والذي يمنحها
السعرات الحرارية الإضافية 300-400 في اليوم، كما ان اتباع نظام حماية أو
تنحيف خلال مرحلة الحمل غير مقبول، ما عدا الحوامل المصابين بالبدانة،
فهؤلاء عليهن اتباع نظام غذائي مراقب من قبل المختصين.
إن تنوع
الطعام الكامل ضروري جداً لزيادة السعرات الحرارية التي تأتي عبر السكريات،
كما وان الطعام الكامل والمتنوع يمنح الجسم الفيتامينات، البروتينات،
والأملاح المعدنية الضرورية للتغذية، وزيادة منتجات الحليب واللحوم والحبوب
الكاملة والخضار الطازجة يساعد المرأة الحامل في الحصول على متطلبات الحمل
من الغذاء.
المأكولات التي تحول دون حصول فقر في التغذية أثناء مرحلة الحمل:
البيض،
السمك، الدجاج، اللحمة الحمراء، الكبد، الحبوب الكاملة، خمائر القمح،
المكسرات، الخميرة ، الدبس، طحالب البحر الخضراء الطازجة، والأوراق الخضراء
من الخضار، وبعض هذه المأكولات يجب ان تأكل يومياً.
الجدير بالذكر أن الخضار والفواكه والحبوب الكاملة تمنح الألياف التي تساعد على تجنب حصول الإمساك، وهي مشكلة معروفة لدى الحوامل.
يجب
شرب ماء من 6-8 أكواب يومياً الى جانب الحليب وشاي الأعشاب وليس الشاي
الأسود، ومن أفضل أنواع الشاي المفيد خلال فترة الحمل الشاي المحضر من
أوراق توت العليق الذي يزيد من قوة الرحم.
إن التمارين الرياضية
مفيدة جداً في فترة الحمل، ويجب تجنب الكسل لأنه مضر بالصحة جداً. النشاط
والحركة من العوامل للدورة الدموية ويحاربان حدوث الإمساك والفاريز وارتخاء
البطن، فحركات تمديد العضلات والمشي والدراجة المنزلية كلها عوامل تساعد
على إبقاء النشاط والحيوية