أم كلثوم بنت محمد
أم كلثـوم بنت النبي محمد، وأمها السيدة خديجة بنت خويلد، ولدت قبل البعثة بست سنين.
هجرتها
هاجرت أم كلثوم مع أختها فاطمة الزهراء، وزوجة الرسول سودة بنت زمعة ومعهم آل أبي بكر إلى المدينة، فاستقبلهُن رسول الله صلي الله عليه وسلم محمد بن عبد الله وأتى بهنّ إلى داره التي أعدّها لأهله بعد بناء المسجد النبوي الشريف.
زواجها
خطبها عتيبة بن أبي لهب قبل البعثة ولم يتم الزواج، وطلقها تنفيذاً لرغبة أبي لهب، ولم يدخل بها، ولما توفيت شقيقتها رقيـة، ومضت الأحزان والهموم، زوّج النبي محمد أم كلثوم لعثمان بن عفان في ربيع الأول سنة 3 للهجرة، وكان هذا الزواج بأمر من الله، فقد روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال :" أتاني جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تزوج عثمان أم كلثوم على مثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها" ،وأصبح عثمان بزواجه هذا، وبزواجه السابق من شقيقتها رقية يلقب بذي النورين، وعاشت أم كلثوم عند عثمان ست سنوات ولكنها لم تلد له.
وفاتها
توفيت أم كلثوم رضي الله عنها في شهر شعبان سنة تسع من الهجرة، وقد جلس النبي محمد عليه الصلاة والسلام على قبرها وعيناه تدمعان حُزناً على ابنته الغالية أم كلثوم، فقال:" هل منكم أحد لم يقارف الليلة" فقال أبو طلحة: " أنا" قال له الرسول "انزل" فنزل أبو طلحة في قبرها. وفي مسند الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس، أن رقية لما ماتت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل القبر رجل قارف أهله الليلة"، وفي رواية أخرى في مسند أحمد أيضاً- عن أنس أن رقية لما ماتت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل القبر رجل قارف أهله فلم يدخل عثمان بن عفان القبر " وقد روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أنه قال بعد وفاة ابنته أم كلثوم، لو كان عندي ثالثة زوجتها عثمان".
" يَتَزَوَّجُ حَفْصَةَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُثْمَانَ؛ وَيَتَزَوَّجُ عُثْمَانُ مَنْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ حَفْصَةَ " [ابن سعد]. فمَنْ تكون أفضل من حفصة أم المؤمنين؟ جاء عثمان بن عفان - رضي اللَّه عنه - إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليلتمس المواساة في زوجته رقية - رضي اللَّه عنها - بعد وفاتها، وجاء عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه - يشكو للنبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر، وعثمان حين عرض عليهما ابنته حفصة، بعد أن مات زوجها خُنيس بن حذافة السهمي -رضي اللَّه عنه- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة". وقد صدقت بشراه صلى الله عليه وسلم حيث تزوج هو من حفصة، وتزوج عثمان من أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم. وعن عثمان بن عفان ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه لهفان مهموما ، فقال له : « ما لي أراك لهفان مهموما ؟ » فقلت : يا رسول الله ، وهل دخل على أحد ما دخل علي ؟ ماتت ابنة رسول الله التي كانت تحتي ، وانقطع ظهري ، وانقطع الصهر بيني وبينك ، فبينما هو يحاوره ، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم : « يا عثمان ، هذا جبريل عليه السلام ، يأمرني عن الله عز وجل أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها ، وعلى مثل عشرتها » فزوجه إياها" معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني (6728 ) حسن.
فنال عثمان بن عفان بذلك الشرف لقب ذى النورين ؛ لزواجه من ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلتاهما نور بحق، وظلت أم كلثوم في بيت عثمان زوجة له لمدة ست سنوات لا يفارقها طيف أختها رقية.
ولدت السيدة أم كلثوم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهدت ازدهار الإسلام وانتصاره على الكفر والشرك، وجاهدت مع باقى أسرتها، فشاركت أباها صلى الله عليه وسلم وأمها خديجة جهادهما، وعانت معهما وطأة الحصار الذي فرضه الكفار والمشركون على المسلمين في شِعْب أبي طالب، ثم هاجرت إلى المدينة المنورة مع أختها فاطمة بعد أن أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهن زيد بن حارثة ليصحبهن. وشهدت فرحة انتصار المسلمين في بدر، وقد تشابهت ظروف أم كلثوم وأختها رقية -رضي اللَّه عنهما- حيث نشأتا سويّا في بيت النبوة، وخُطبا لشقيقين هما عتبة وعتيبة من أبناء أبي لهب وزوجته أم جميل، ولكن اللَّه أنقذهما وأكرمهما، فلم يبنيا بهما، وحرم ولدا أبي لهب من شرف زواجهما. وفى السنة التاسعة من الهجرة، توفيت أم كلثوم دون أن تنجب؛ فأرخى النبي صلى الله عليه وسلم رأسها الشريف بجانب ما بقى من رفات أختها رقية في قبر واحد، مودعًا إياها بدموعه.