توريث الزوجة من العقار في القرآن
المسألة:
هل من دليل قراني على أنَّ الزوجة لا ترث عقارا؟ خصوصا أنَّ بعض الآيات لم تستثنِ العقار: ﴿وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا﴾(1).
وبين جلَّ وعلا النصيب المفروض للزوجة وهي من النساء فقال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾(2).
الجواب:
الآية الأولى لا ربط لها بميراث الزوجة بل هي متصدية لبيان ميراث البنات وسائر النساء اللاتي يربطهن بالميت قرابة نسب.
نعم الآية الثانية وهي قوله تعالى ﴿..وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم..﴾(3) ، هذه الآية المباركة متصدية لبيان نصيب الزوجة من تركة زوجها، وهي بإطلاقها تقتضي استحقاق الزوجة من كلِّ ما يتركه زوجها سواءً كان ما تركه من الأموال المنقولة أو الثابتة أو العقار، فهي تستحق من كِّل ذلك الربع إنْ لم يكن للزوج ولد وتستحق الثمن إن كان لزوجها ولد.
فالآية المباركة بحسب ظهورها الأولي مقتضية للإطلاق دون ريب إلا أن هذا الإطلاق لم يكن مرادًا جدِّيًا، وذلك بقرينة ما ورد في السنة الشريفة من عدم توريث الزوجة من العقار، إذ من المسلَّم به أنه لا يصح اعتماد ما يظهر بدْوًا من اطلاقات وعمومات الكتاب المجيد قبل مراجعة السنة الشريفة، فإنْ عُثر على ما يقتضي تقييد أو تخصيص اطلاقات الكتاب المجيد وعموماته لزم اعتماده وإلا كان المُعتَمد هو ما اقتضاه ظهور الكتاب من إطلاق أو عموم، ومنشأ ذلك أن المرجع في الكشف عن مرادات القرآن الجدِّية هو السنَّة الشريفة، وذلك لقوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ..﴾(4) ، فلا يصح التعويل على ما ينفهم ابتداءً من آيات القرآن إذا كان على خلاف ما علَّمه رسول الله (ص) لأمته، ولذلك يلتزم المسلمون بعدم توريث الولد من أبيه إذا كان الولد كافرًا حين موت أبيه رغم أن مقتضى إطلاق قوله تعالى: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ...﴾(5) ، هو عدم الفرق قي استحقاق التوريث بين كون الولد مسلمًا أو كافرًا، وكذلك لا يصح توريث الأبوين من الولد لو مات وهما كافران رغم أن مقتضى إطلاق قوله تعالى: ﴿..وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ...﴾(6) ، هو استحقاقهما للميراث من الولد سواءً كانا مسلمين أو كافرين.
ومنشأ التزام المسلمين بذلك هو ما ورد في السنَّة الشريفة من عدم استحقاق الكافر للميراث من المسلم.
1- النساء/7
2- النساء/12
3- النساء/12
4- الجمعة/2
5- النساء/7
6- النساء/11