مناقشة ادعاء نسخ آية: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير)
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾(1).
قال أبو جعفر النحاس: أجمع العلماء على أن هذه الاية منسوخة، وأن قتال المشركين في الشهر الحرام مباح، غير عطاء فإنه قال: الاية محكمة، ولا يجوز القتال في الاشهر الحرم.
وأما الشيعة الامامية فلا خلاف بينهم نصا وفتوى على أن التحريم باق، صرح بذلك في التبيان وجواهر الكلام، وهذا هو الحق، لان المستند للنسخ إن كان هو قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾(2).
كما ذكره النحاس فهو غريب جدا، فإن الاية علقت الحكم بقتل المشركين على انسلاخ الاشهر الحرم، فقد قال تعالى: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾(3).
فكيف يمكن أن تكون ناسخة لحرمة القتال في الشهر الحرام؟ وإن استندوا فيه إلى إطلاق آية السيف وهي قوله تعالى: ﴿قَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً﴾(4).
فمن الظاهر أن المطلق لا يكون ناسخا للمقيد، وإن كان متأخرا عنه.
وإن استندوا فيه إلى ما رووه عن ابن عباس وقتادة أن الاية منسوخة بآية السيف فيرده: أولا: ان النسخ لا يثبت بخبر الواحد.
وثانيا: انها ليست رواية عن معصوم، ولعلها اجتهاد من ابن عباس وقتادة.
وثالثا: انها معارضة بما رواه ابراهيم بن شريك، قال: حدثنا أحمد - يعني ابن عبد الله بن يونس - قال: حدثنا الليث عن أبي الازهر عن جابر، قال رسول الله (ص): لا يقاتل في الشهر الحرام إلا أن يغزى أو يغزو فإذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ، ومعارضة بما رواه أصحابنا الامامية عن أهل البيت - ع - من حرمة القتال في الاشهر الحرم.
وإن استندوا في النسخ إلى ما نقلوه من مقاتلة رسول الله - ص - هوازن في حنين، وثقيفا في الطائف شهر شوال، وذي القعدة، وذي الحجة من الاشهر الحرم فيرده: أولا: إن النسخ لا يثبت بخبر الواحد.
وثانيا: إن فعل النبي - إذا صحت الرواية - مجمل يحتمل وقوعه على وجوه، ولعله كان لضرورة اقتضت وقوعه، فكيف يمكن أن يكون ناسخا للاية.
المصدر:
البيان في تفسير القرآن، لزعيم الحوزة العلمية: سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي.
1- البقرة/217
2- التوبة/5
3- التوبة/5
4- التوبة/36