مناقشة ادعاء نسخ آية: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم...)
﴿وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ﴾(1).
قال أبو جعفر النحاس: وأكثر أهل النظر على هذا القول أن الاية منسوخة، وأن المشركين يقاتلون في الحرم وغيره.
ونسب القول بالنسخ إلى قتادة أيضا.
والحق: أن الاية محكمة ليست منسوخة.
فإن ناسخ الاية إن كان هو قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾(2).
فهذا القول ظاهر البطلان، لان الاية الاولى خاصة، والخاص يكون قرينة على بيان المراد من العام، وإن علم تقدمه عليه في الورود، فكيف إذا لم يعلم ذلك؟ وعلى هذا فيختص قتال المشركين بغير الحرم، إلا أن يكونوا هم المبتدئين بالقتال فيه، فيجوز قتالهم فيه حينئذ.
وإن استندوا في نسخ الاية إلى الرواية القائلة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقتل ابن خطل - وقد كان متعلقا بأستار الكعبة - فهو باطل أيضا.
أولا: لانه خبر واحد لا يثبت به النسخ.
ثانيا: لانه لا دلالة له على النسخ، فإنهم رووا في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: " إنها لم تحل لاحد قبلي وإنما أحلت لي ساعة من نهارها "، وصريح هذه الرواية أن ذلك من خصائص النبي عليه السلام فلا وجه للقول بنسخ الاية إلا المتابعة لفتاوى جماعة من الفقهاء، والاية حجة عليهم.
المصدر:
البيان في تفسير القرآن، لزعيم الحوزة العلمية: سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي.
1- البقرة/191
2- التوبة/5