الشبهة السادسة حول الإعجاز القرآني
إن القرآن ليس معجزة وان كان يعجز جميع البشر عن الإتيان بمثله لأن المعجزة يجب أن تكون صالحة لأن يتعرف جميع الناس على جوانب التحدي فيها لأنّها دليل النبوة التي يراد بواسطتها إثبات النبوة لهم. والكلام البليغ لا يكفي في إعجازه عجز الناس عن الإتيان بمثله لا من معرفة جوانب التحدي والإعجاز فيه، من بلاغته وسمو التعبير فيه لا تتوفر إلا للخاصة منهم الذين يمارسون الكلام العربي ويعرفون دقائق تركيبه وميزاته.
ويمكن أن تناقش هذه الشبهة بالمناقشات التالية:
الأولى: إن هذه الشبهة تتضمن في الحقيقة اعترافاً بالإعجاز القرآني إلا أنها تحاول التهرب من ذلك بإعطاء المعجزة طابعاً خاصاً يرتبط بمدى دلالتها على دعوى النبوة. فالشبهة لا تناقش الإعجاز من ناحية النقص في التركيب والمضمون القرآني وعدم ارتفاعه إلى مستوى التحدي وإنما تناقشه من زاوية قدرة الناس على فهم هذا الإعجاز واستيعابه.
الثانية: إن طريق الإيمان بالمعجزة لا يتوقف على معرفتها عن طريق التجربة الشخصية المباشرة لها وإنما يمكن أن يتحقق عن طريق معرفة ذوي الاختصاص والخبرة من الناس، الشيء الذي يجعلنا نصدق بالمعجزة، وهذا هو السبيل الوحيد لإيماننا بكثير من حقائق الكون وخصائص عالم الطبيعة حيث يحصل لنا اليقين بها عن طريقة معرفة ذوي الاختصاص وإخبارهم لنا بذلك بشكل لا يداخله الريب أو الشك.
فحين يقف العرب اجمع وذوو الاختصاص من الدارسين والعلماء باتجاهاتهم المختلفة أمام القرآن الكريم ويعترفون بخصائصه الإعجازية لا يبقى أمامنا شك في إعجاز القرآن وارتباطه بالسماء.
الثالثة: إن فكرة الإعجاز في القرآن الكريم من الممكن أن تشرح وتوضح على نطاق واسع وليس ذلك مما يتعسر فهمها فيفهمها الناس على حدّ سواء، العربي منهم وغير العربي وذوو الاختصاص وغيرهم لان إعجاز القرآن لا يختص بالجانب البلاغي من أسلوبه بل هو المعجزة الخالدة التي لا تفنى والتي لا تختص بأمة دون أخرى.
وقد اشرنا إلى بعض الجوانب في الإعجاز القرآني التي لا ترتبط بأسلوبه وبلاغته في أبحاثنا السابقة من علوم القرآن(1).
المصدر:
كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم.
1- منهج السنة الاولى من محاضرات علوم القرآن الكريم (كلية اصول الدين) اعتمدنا بصورة رئيسية في عرض الشبهات ومناقشتها على دراسة السيد الخوئي دام ظله في كتابه البيان في تفسير القرآن.