صفحات من تاريخ الخيانة الشيعية
(1).. خيانتهم لآل البيت
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه مقرعا الشيعة، لما وصل إليه خبر سيطرة شيعة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما على اليمن ، وتقاعس شيعته عن القيام بواجب نصرته ومواجهة خصومه: ( أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اِطَّلَعَ اَلْيَمَنَ، وَإِنِّي وَاَللَّهِ لَأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلاَءِ اَلْقَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي اَلْحَقِّ وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي اَلْبَاطِلِ، وَبِأَدَائِهِمُ اَلْأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَخِيَانَتِكُمْ، وَبِصَلاَحِهِمْ فِي بِلاَدِهِمْ وَفَسَادِكُمْ، فَلَواِئْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلاَقَتِه.ِ اَللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَمَلُّونِي، وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي، فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي. اَللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ اَلْمِلْحُ فِي اَلْمَاءِ أَمَا وَاَللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ ) ( نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد، ص: 333/334).
لم أنقل هذا النص عبثا من نهج البلاغة، وهو الكتاب الذي جمع خطب الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل لهدف مقصود ومحدد، أتوخى منه بيان موقف أئمة أهل البيت، وعلى رأسهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ممن يدعون حبهم وموالاتهم، وهم في الحقيقة خارجون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن منهج أهل البيت عليهم السلام، وأكثرهم خيانة لهم ومفارقة لأمرهم، والدليل على ما أقول التاريخ الطويل والحافل بخيانة من يدعي التشيع لآل البيت، ولأئمة آل البيت، بدأ من خيانتهم لعلي بن أبي طالب وتقاعسهم عن القتال معهم ونصرته في المواقف العصيبة، إلى غدرهم بالحسين بن علي رضي الله عنهما بعدما أغروه بالمبايعة والنصرة، ودعوه للإمرة والخلافة، وصولا إلى تحريفهم لما كان عليه أهل البيت من الدين والمودة والمحبة لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ناهيك عن غدرهم وخيانتهم للأمة الإسلامية، إبان الحملة المغولية على الإمبراطورية الإسلامية في أواخر عهد الدولة العباسية، على عهد الوزير الشيعي ابن العلقمي. إضافة إلى تواطؤ الدولة العبيدية الفاطمية الشيعية مع النصارى إبان حملتهم الصليبية على بلاد الشام وبيت المقدس، وغضهم الطرف عن التواجد النصراني بأرض فلسطين، طوال قرنين من الزمان لحين قيام الناصر صلاح الدين بإنهاء سيطرة الفاطميين على أرض الكنانة، إيذانا منه، رحمه الله، بدأ حملته القاضية بتطهير بيت المقدس من التواجد الصليبي، واضعا الحد بذلك للحملة الصليبية الأولى على أرض فلسطين، وصولا إلى تحالف الدولة الصفوية الشيعية الإيرانية، في عهد إسماعيل الصفوي، مع الإمبراطورية الروسية في مواجهة الإمبراطورية العثمانية السنية، وأخيرا وليس آخرا تحالفهم المبطن، أحيانا، والسافر أحيانا أخرى، مع " قوى التحالف الدولي" بخصوص غزو العراق وأفغانستان .
ومن المفارقات العجيبة أن يلجأ الشيعة الرافضة إلى التحدث بأحاديث موضوعة، ومكذوبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تضمن لهم الجنة وحدهم، وحتى لو غضينا الطرف عن مدى صحة تلك الأحاديث، فهي ولا شك تتحدث عن علي وشيعته المخلصين، وليس هؤلاء الشيعة الاثني عشرية المنافقين، والمكفرين لخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ورغم ضعفها ووضاعتها فإنهم يسقطونها على أنفسهم، فإذا كان علي رضي الله عنه مبشرا بالجنة هو ومن كان معه من الصحابة رضوان الله عليهم، فحتما فإنه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي حياته، لم يكن لمسلم الحق أن يتحزب لجهة ما، لا الجهة علي ولا لأبي بكر وعمر أو غيرها، إلا التحزب إلى جهة نبي الإسلام ودين الإسلام. كيف يكون التشيع والتحزب على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جائز وقد قال الله سبحانه : (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ))[الحجرات:10] ، والأخوة منة ينعم بها الله تعالى على عباده الصالحين فتأتلف قلوبهم وتتوثق روابطهم؛ كما أنعم على الجيل الأول والرهط المبارك من الصحابة رضوان الله عليهم حين قال عز وجل: ((هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ))[الأنفال:62-63] ، جاء هذا التأليف بعد امتحان للقلوب واختبار للنوايا فلما صدقوا نزلت عليهم النعمة وغشيتهم الرحمة؟ .
كيف يتحدث الشيعة الاثني عشرية أن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن الشيعة والتشيع في حياته؟.
وواقع حال علي بن أبي طالب، رضي الله، أنه كان يذم شيعته بعد أن استقر بالكوفة واتخذها عاصمة للخلافة الإسلامية، ويذم أخلاقهم وأفعالهم القائمة على معصية الإمام وتقاعسهم عن تنفيذ أمره ونصرته في مواجهة خصومه، خاصة وإني رأيت الشيعي الرافضي يستدل بالحديث الموضوع، والمكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوارد عند ابن حجر الهيثمي في كتابه ( الصواعق المحرقة للرد على أهل البدع والزندقة )، وهو كتاب ألف بالمناسبة للرد على أقوال الشيعة الرافضة الطاعنين في الصحابة رضوان الله عليهم، " يا علي أنت وأصحابك في الجنة ، أنت وشيعتك في الجنة " قال عنه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة: (الراوي: أم سلمة هند بنت أبي أمية المحدث- المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 5590 خلاصة الدرجة: موضوع ).
والحديث رواه أيضا ابن عدي في كتابه "الكامل في الضعفاء" تحت رقم 9/51. وضعفه أبونعيم في "حلية الأولياء" تحت رقم 4/364 ، كما ضعفه الإمام الذهبي في " ميزان الاعتدال " تحت رقم 2/18.
وأما حديث " يا علي إن الله قد غفر لك ولذريتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك فأبشر " أخرجه الإمام الشوكاني – في كتابه " الفوائد المجموعة" - تحت رقم 384 في إسناده وضاع، وبالتالي لا يخلو أن يكون حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. كما وأن ابن حجر الهيثمي حينما كان يستدل بمثل هذه المرويات في كتابه الصواعق المحرقة كان ينزلها على أتباع علي المخلصين له، وهم أهل السنة المحبين له وللصحابة أجمعين، فيقول بهذا الصدد: (وشيعته هم أهل السنة لأنهم الذين أحبوهم كما أمر الله ورسوله، وأما غيرهم فأعداؤه في الحقيقة لأن المحبة الخارجة عن الشرع الحائدة عن سنن الهدى هي العداوة الكبرى فلذا كانت سبباً لهلاكهم كما مر آنفا عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وأعداؤهم الخوارج ونحوهم من أهل الشام، لا معاوية ونحوه من الصحابة، لأنهم متأولون فلهم أجر، وله هو وشيعته أجران رضي الله تعالى عنهم . ويؤيد ما قلناه من أن أولئك المبتدعة الرافضة والشيعة ونحوهما ليسوا من شيعة علي وذريته بل من أعدائهم كما أخرجه صاحب المطالب العالية عن علي ومن جملته: أنه مر على جمع فأسرعوا إليه قياما فقال: من القوم؟ فقالوا: من شيعتك يا أمير المؤمنين. فقال: لهم خيرا ، ثم قال: ( يا هؤلاء ما لي لا أرى فيكم سمة شيعتنا وحلية أحبتنا) فأمسكوا حياء. فقال له من معه: نسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما أنبأتنا بصفة شيعتكم. فقال: شيعتنا هم العارفون بالله العاملون بأمر الله أهل الفضائل الناطقون بالصواب، مأكولهم القوت، وملبوسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، نجعوا لله بطاعته، وخضعوا إليه بعبادته، مضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم، رامقين أسماعهم على العلم بربهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت منهم في الرخاء، رضوا عن الله تعالى بالقضاء، فلولا الآجال التي كتب الله تعالى لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى لقاء الله والثواب وخوفا من أليم العقاب(...) [ إلى أن قال ابن حجر الهيثمي ] فتأمل وفقك الله لطاعته وأدام عليك من سوابغ نعمه وحمايته هذه الأوصاف الجليلة الرفيعة الباهرة الكاملة المنيعة تعلم أنها لا توجد إلا في أكابر العارفين لأئمة الوارثين فهؤلاء هم شيعة علي رضي الله تعالى عنه وأهل بيته .
وأما الرافضة والشيعة ونحوهما إخوان الشياطين وأعداء الدين وسفهاء العقول ومخالفوا الفروع والأصول ومنتحلوا الضلال ومستحقوا عظيم العقاب والنكال فهم ليسوا بشيعة لأهل البيت المبرئين من الرجس المطهرين من شوائب النقص والدنس لأنهم أفرطوا وفرطوا في جنب الله فاستحقوا منه أن يبقيهم متحيرين في مهالك الضلال والاشتباه، وإنما هم شيعة إبليس اللعين وخلفاء أبنائه المتمردين، فعليهم لعنة الله وملائكته والناس أجمعين، وكيف يزعم محبة قوم من لم يتخلق قط بخلق من أخلاقهم، ولا عمل في عمره بقول من أقوالهم، ولا تأسى في دهره بفعل من أفعالهم ولا تأهل لفهم شيء من أحوالهم، ليست هذه محبة في الحقيقة بل بغضة عند أئمة الشريعة والطريقة، إذ حقيقة المحبة طاعة المحبوب وإيثار محابه ومرضاته على محاب النفس ومرضاتها، والتأدب بآدابه وأخلاقه. ومن ثم قال عليّ كرم الله وجهه: (لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر لأنهما ضدان وهما لا يجتمعان) انتهى. ( ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص، 215-217 ).
من جهة أخرى، أتساءل عن السبب الذي جعل الشيعي الرافضي يقتصر في إحالته على كتاب " الصواعق المحرقة " على ذكر اسم ابن حجر فقط دون أن يعرف لنا من ابن حجر هذا؟ هل هو ابن حجر العسقلاني صاحب كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري أم غيره؟. أعتقد، والله أعلم، أن هذا الغموض والتشويش في ذكر الاسم الأول مقصود، وهي من عادة الشيعة الرافضة، حتى يتوهم القارئ ويكف عن تتبع المصدر المحال عليه، مادام أن ابن حجر العسقلاني ثقة ومعروف بضبطه للحديث، في حين أن ابن حجر الهيثمي صاحب كتاب " الصواعق المحرقة "، وهو المقصود من إحالة الشيعي الرافضي، بضاعته في الحديث مجزاة، وهو ما انفك يستدل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، وهي حالة اغلب الفقهاء في العصور المتأخرة.
تعريف الشيعة
.. من هم؟
إذا طلب مني تعريف الشيعة فإني قد أسلك في ذلك سبيلين لا ثالث لهما، سبيل التاريخ وما سطر في الكتب من التعريفات قديما وحديثا، وسبيل الواقع المعاصر المعاش، حيث أضحى العالم قرية صغيرة يرى أقصاها كما يرى أدناها في الآن واللحظة معا.
قد يُعيي المرء النظر في كتب التاريخ والفرق والطوائف التي ظهرت عبر التاريخ الإسلامي، في تتبع للصيرورة التي آل إليها واقع من يدعي التشيع لآل البيت، ويرفع شعار إتباعهم ومحبتهم، خاصة الإنسان غير المتمرس وغير المستعد لبذل وقت ليس بالقليل في استصدار الحقيقة من بطون تلك الكتب لمعرفة أصل التشيع وكيف كان الجيل الأول الذي انتحل التشيع لآل البيت وإتباع أمرهم بعد استشهاد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه؟.
وأقصد بالتشيع هنا التشيع الاصطلاحي وليس اللغوي، كيف صارت وانتهت إليه حال الأجيال الموالية للجيل الأول؟، خاصة بعد حادثة مقتل الحسين بن علي رضوان الله عليهما، نتيجة ظروف ووقائع، يجمع كل من اهتم بالتدوين لتلك الحقبة، أن تداعياتها كان لها ما بعدها، بحيث بدأ المؤرخون يتحدثون عن الشيعة والتشيع الما قبل استشهاد الحسين بن علي والشيعة والتشيع الما بعد استشهاده، وهو ما يصلطح عليه في الأدبيات المتخصصة بانتقال التشيع من طابعه السياسي الصرف إلى طابعه العقدي الباطني، الذي أَشَّرَ على ظهور عقائد ما يعرف بالتشيع الرافضي أو التشيع الإمامي.
لكن يبدو أن اللجوء إلى الواقع المعاصر سوف لن يضني من يريد معرفة التشيع ما هو؟ ومعرفة الشيعة من يكونون؟.
إن إطلالة متأنية على واقع وحال الشيعة اليوم، يبدو لي، كفيلة أن تعطينا نظرة دقيقة لمعرفة من هم الشيعة، وتعرف لنا ما هو التشيع؟. إن مناظر يوم عاشوراء في كل من النجف وكربلاء وقم وجنوب لبنان، تظهر ليس فقط للمسلمين، بل للعالم أجمع ما هو التشيع؟.
إنه بكل بساطة، شق للرأس بضربة سيف يقوم بها (مْعلَّمْ) على رؤوس الشيعة، أو شرخ يحدثه سكين (أو ساطور) على مقدمة الرأس، لتسيل الدماء بعد ذلك أنهارا على أجساد، وشوارع، وأزقة مدن، ومناطق تواجد الشيعة. يصاحب ذلك نواح وصياح وحالات هيستيريا تطال المتجمعين والتابعين والمتبوعين، فضرب للصدور العارية، وجلد للظهور التي أعيا أصحابها الضنك والشقاء، وأضناها البحث عن سراب، ما فتئ يؤجج صورته في مخيلات وأذهان جموع الشيعة البائسة، معممي ومتاجري التشيع الصفوي، في انتظار لا ولن يعرف طريقه إلى النهاية، ليوم ترجع فيه المظلومية المزعومة لآل البيت، وترد فيه الحقوق المغتصبة الموهومة لعلي وأبنائه، تقطع فيه رؤؤس الظالمين والغاصبين لآل محمد حقوقهم، يوم يقوم فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم من قبره الشريف، كما تقول بذلك أدبيات نهاية التاريخ الشيعية، ليبايع فيه " ابن نرجس " أو" مليكة " الإيطالية، على اختلاف في اسمها الحقيقي بين رواة وحفظة نسب أبو صالح محمد ابن الحسن العسكري، ( وإني أخاف أن يكون رئيس الوزراء الإيطالي " بيرلوسكوني " ينتمي بدوره لآل البيت، كما صرح بذلك علي الكوراني رئيس مؤسسة أهل البيت بانجلترا، يوم أن قال من على منبر قناة المستقلة، في برنامج " الحوار الصريح بعد التراويح "، بأن من يصلي على آل البيت عليه أن يُلحِقَ بهم خمس أو سبع عوائل مسيحية متواجدة بلبنان، ناهيك عن الملكة " إيليزابيت " ملكة انجلترا، لأن جدها السابع، هنري الثامن، كان ينتمي لآل البيت)، فيقوم مهدي الشيعة الموعود بإخراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم – عياذا بالله - من قبره ليس ليبايع هو النبي، بل ليقوم النبي بمبايعة مهدي الشيعة ثم يبايعه بعد ذلك علي بن أبي طالب، فعن الإمام الباقر: ( حين يظهر قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يلقى العون من الله وملائكته، وأول من يبايعه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعده علي ) ( حق اليقين للعلامة باقر مجلسي ص: 149). هذا المهدي المزعوم الذي سيحكم في المسلمين بحكم وحكومة آل داود ولا يسأل البينة ( الكافي ج1ص: 168)، فيما يسمى عندهم بعقيدة الرجعة إلى هذه الحياة الدنيا، وهي تختلف عن البعث ليوم القيامة المنصوص عليه في القرآن الكريم، المختفي منذ 12 قرنا ونيف إذانا منه بأزوف ساعة الانتقام من أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة، ( حق اليقين ص: 139 ) نتيجة أفعالهم الشنيعة التي أدت إلى هدم ركن الإسلام وعماده، ( بعد أن أبطلوا العمل بما تم تقريره يوم " غدير خم" الذي أتى لينقض ما قرره الله من فوق سبع سماوات يوم عرفة، ذلك اليوم المشهود الذي وقف فيه النبي الخاتم على جبل عرفات ليقرأ على جموع الصحابة المائة وعشرين ألف قوله تعالى: ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ). ثم بعد ذلك ينتقم من كل اهل السنة حسبما جاء ( وذلك حين يظهر المهدي عليه السلام يبدأ حسابه وعمله أولا مع السنيين وخاصة علماء السنة وذلك قبل الكافرين فقتلهم جميعا ويبيدهم عن اخرهم ) ( حق اليقين للعلامة باقر مجلسي ).
دعوة علي بن أبي طالب على شيعته
ومن كلام علي بن أبي طالب عليه السلام في ذمّ أصحابه: ( كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَى الْبِكَارُ الْعَمِدَةُ(1)، وَالثِّيَابُ الْمتَدَاعِيَةُ!(2) كُلَّما حِيصَتْ(3) مِنْ جَانِب تَهَتَّكَتْ(4) مِنْ آخَرَ، كُلَّما أَطَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ(5) مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ أَغْلَقَ كُلُّ رَجُل مِنْكُمْ بَابَهُ، وَانْجَحَرَ(6) انْجِحَارَ الضَّبَّةِ في جُحْرِهَا، وَالضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا(7).الذَّلِيلُ وَاللهِ مَنْ نَصَرْتُمُوهُ! وَمَنْ رُمِيَ بِكُمْ فَقَدْ رُمِيَ بِأَفْوَقَ نَاصِل(8)
إِنَّكُمْ ـ وَاللهِ ـ لَكَثِيرٌ فِي الْبَاحَاتِ(9)، قَليِلٌ تَحْتَ الرَّايَاتِ، وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ، وَيُقِيمُ أَوَدَكُمْ(10)، وَلكِنِّي واللهِ لاَ أَرى إِصْلاَحَكُمْ بَإِفْسَادِ نَفْسِي. أَضْرَعَ اللهُ خُدُودَكُمْ(11)، وَأَتْعَسَ جُدُودَكُمْ(12)! لاَ تَعْرِفُونَ الْحَقَّ كَمَعْرِفَتِكُمُ الْبَاطِلَ،وَلاَ تُبْطِلُونَ الْبَاطِلَ كَإِبطَالِكُمُ الْحَقَّ!)
( شرح الكلمات الصعبة: (1) البِكار: الفتيّ من الابل. العَمِدة: التي انفضح داخلُ سنَامِها من الركوب، وظاهُرهُ سليم.(2)الثياب المُتداعية: الخَلقَةُ المُتَخَرّقة. ومُدَاراتها: استعمالها بالرفق التام.(3) حيصَتْ: خِيطَتْ.(4) تَهَتّكَتْ: تَخَرّقَتْ.
(5) المَنْسر: القطعة من الجيش تمر أمام الجيش الكثير. وأطلّ: أشرف.(6)إنْجَحَرَ: دخَلَ الجُحْرَ.(7) الوِجار ـ بالكسر ـ: جُحْرُ الضّبُع وغيرها(8) .الافْوَق من السهام: ما كُسر فُوقُهُ، أي موضع الوتر منه. والناصل: العاري من النصل. والسهم إذا كان مكسور الفُوقِ عارياً عن النصل لم يؤثّر في الرمية.(9)الباحات: الساحات.
(10) أوَدَكم ـ بالتحريك ـ: اعوجاجكم.(11) أضْرَعَ الله خُدُودَكم: أذلّ الله وجوهكم.(12) وأتْعَسَ جُدُودَكم، أي: حط من حظوظكم. والتّعَسَ: الانحطاط والهلاك والعثار.)
خيانة الشيعة لأئمة آل البيت
سنعرض هنا في هذه النقطة لنماذج من خيانة الشيعة لأئمة آل البيت منذ الفترات الأولى لظهور التشيع، ونحن لا نقصد أولئك الصحابة الكرام الذين كانوا في معسكر علي رضي الله عنه، ولكن كلامنا يتجه إلى أولئك الرعاع الذي ادعوا كذبا وزورا التشيع لآل البيت، هربا من سيف القصاص الذي كان ينتظرهم إثر مشاركتهم الآثمة في قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ظلما وعدوانا.
مباشرة بعد استقرار الأمر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة بعد واقعتي الجمل وصفين، واطمأن أولئك القتلة الرعاع أتباع عبد الله ابن سبأ اليهودي، (وكل من يريد أن ينكر وجود هذه الشخصية اليهودية الماكرة التي كان لها الدور الأساسي في ظهور الغلوفي محبة آل البيت وادعاء أمورا فيهم ما أنزل الله بها من سلطان، من مثل النص والتعيين والوصية، فعليه أن ينكر دور اليهودي " بولس" أو" شاؤول" في تحريف الديانة المسيحية، والاتجاه بها إلى منحى الغلوفي شخص المسيح عليه السلام إلى حد ادعاء الألوهية في شخصية، وأنه ابن لله وليس نبي الله). أظهر الشيعة حقيقة أمراضهم النفسية والخلقية المنحطة الملتصقة بإثارة الدنيا على الآخرة، والركون إلى الباطل عوض نصرة الحق، عكس ما كانوا يزعمونه ويدعونه على عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وجعلوا ذلك سبب خروجهم على خليفة المسلمين الشرعي.
والشيعة الذين غالوا في حب آل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب ثبتت خيانتهم لهم منذ اللحظات الأولى لظهور التشيع إبَّان الفتن التي ثارت ثائرتها بين الصحابيين الجليلين علي ومعاوية رضوان الله عليهما.
1)خيانتهم لعلي بن أبي طالب:
فقد كان أكثر شيعة علي بن أبي طالب من أهل العراق وعلى وجه الخصوص أهل الكوفة والبصرة، وعندما عزم علي على الخروج بهم إلى أهل الشام بعد القضاء على فتنة الخوارج خذلوه، وكانوا وعدوه بنصرته والخروج معه، ولكنهم تخاذلوا عنه وقالوا: ( يا أمير المؤمنين لقد نفدت نبالنا وكلَّت سيوفنا، ونصلت أسنة رماحنا فارجع بنا فلنستعد بأحسن عدتنا... فأدرك علي أن عزائمهم هي التي كلت ووهنت وليس سيوفهم، فقد بدأوا يتسللون من معسكره عائدين إلى بيوتهم دون علمه، حتى أصبح المعسكر خاليًا، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير) (تاريخ الطبري: تاريخ الأمم والملوك: 5/89، 90 / وابن الأثير: الكامل في التاريخ :3/ 349).
"وأدرك الإمام علي أن هؤلاء القوم لا يمكن أن تنتصر بهم قضية مهما كانت عادلة ولم يستطع أن يكتم هذا الضيق فقال لهم: ما أنتم إلا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس وما أنتم لي بثقة... وما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عز يعتصم إليه، لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم، إنكم تكادون ولا تكيدون وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون" ( تاريخ الطبري (5/90)، العالم الإسلامي في العصر الأموي (ص91) ).
والعجيب أن شيعة علي من أهل العراق لم يتقاعسوا عن المسير معه لحرب الشام فقط، وإنما جبنوا وتثاقلوا عن الدفاع عن بلادهم، فقد هاجمت جيوش معاوية عين التمر وغيرها من أطراف العراق، فلم يذعنوا لأمر علي بالنهوض للدفاع عنها حتى قال لهم أمير المؤمنين علي:
"يا أهل الكوفة كلما سمعتم بمنسر ( وهي مقدمة الجيش ) من مناسر أهل الشام انجحر كل امرئ منكم في بيته وأغلق بابه انجحار الضب في جحره والضبع في وجارها، المغرور من عررنمون ولمن فازكم فاز بالسهم الأخيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاء، إنا لله وإنا إليه راجعون" تاريخ الطبير ( 5/135) والعالم الإسلامي في العصر الأموي (ص96)) .
2) خيانتهم للحسن بن علي
ولما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبويع ابنه الحسن رضي الله عنه بالخلافة لم يكن يؤمن بجدوى حرب معاوية وخصوصًا أن شيعته خذلوا أباه من قبل، ولكن عاد شيعتهم من أهل العراق يطالبون الحسن بالخروج لقتال معاوية وأهل الشام فأظهر الحسن حنكة كبيرة دلت على سعة أفقه، فهو لم يشأ أن يواجه أهل العراق من البداية بميله إلى مصالحة معاوية وتسليم الأمر له حقنًا لدماء المسلمين، لأنه يعرف خفة عقول أهل العراق وتهورهم، فأراد أن يقيم من مسلكهم الدليل على صدق نظرته فيهم، وعلى سلامة ما اتجه إليه، فوافقهم على المسير لحرب معاوية وعبأ جيشه وبعث قيس بن عبادة في مقدمته على رأس اثني عشر ألفا، وسار هو خلفه فلما وصلت تلك الأخبار إلى معاوية وتحرك هو أيضًا بجيشه ونزل مسكن، وبينما الحسن في المدائن إذ نادى منادي من أهل العراق أن قيسًا قد قتل، فسرت الفوضى في الجيش وعات إلى أهل العراق طبيعتهم في عدم الثبات، فاعتدوا على سرادق الحسن ونهبوا متاعه حتى أنهم نازعوه بساطًا كان تحته، وطعنوه وجرحوه.. وهنا فكر أحد شيعة العراق وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي في أمر خطير وهو أن يُوثق الحسن بن علي ويسلمه لمعاوية طمعًا في الغنى والشرف، فقد جاء عمه سعد بن مسعود الثقفي وكان واليا على المدائن من قبل علي، فقال له: ( هل لك في الغنى والشرف؟ قال: وما ذاك؟ قال: توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية، فقال له عمه: عليك لعنة الله، أَثِبُ على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوثقه؟ بئس الرجل أنت) (تاريخ الطبري (5/159)، العالم الإسلامي في العصر الأموي (ص101)).
بل إن الحسن بن علي رضي الله عنهما كان يقول: ( أرى معاوية خيرًا لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وأخذوا مالي والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به دمي في أهلي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني؛ فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلما، والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير) (كتاب الاحتجاج للطبرسي (ص 148)).
3) خيانتهم للحسين بن علي
بعد وفاة معاوية رضي الله عنه سنة 60هـ توالت رسائل ورسل أهل العراق على الحسين بن علي رضي الله عنه تفيض حماسة وعطفًا وقالوا له: ( إنا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فاقدم علينا.) ( تاريخ الطبري (5/347) )
وتحت إلحاحهم قرر الحسين إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع الموقف فخرج مسلم في شوال سنة 60هـ.
وما إن علم بوصوله أهل العراق حتى جاءوه فأخذ منهم البيعة للحسين، فقيل بايعه اثني عشر ألفا، ثم أرسل إلى الحسين ببيعة أهل الكوفة وأن الأمر على ما يرام (تاريخ الطبري (5/ 348)).
وللأسف خُدع الحسين عليه السلام بهم، وسار إليهم بعد أن حذره كثير من المقربين إليه من الخروج لما يعرفون من خيانة شيعة العراق، حتى قال له ابن عباس رضي الله عنه: ( أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم؟، فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر، وعماله تُجبي بلادهم فإنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك، ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك فيكونون أشد الناس عليك)(الكامل في التاريخ (4/37)).
وهنا كان عبد الله ابن عباس رضي الله عنه فطناً حصيفاً، حاول أن ينبه الحسين بن علي رضي الله عنه، وهو الذي كان قائدا وحامل لواء ابن عمه علي بن أبي طالب في حروبه، إلى أمر مهم وهو واقع الحال بالكوفة الذي لا يزال يسيطر عليه عامل يزيد ابن معاوية، عبيد الله ابن زياد، عليه من الله ما يستحق، وكيف أن أهل الكوفة -وهم يدعون أنهم شيعة لأهل البيت- لم يقضوا عليه بعد ولم يتخلصوا من حكمه وسطوته، ويراسلون رغم ذلك الحسين بن علي ليقدم عليهم أميرا مُبايَعا. إن في الأمر من المجازفة والمغامرة ما فيه، خاصة والحسين بن علي لن يكون خروجه في جيش وعتاد، بل فقط في ثلة من أبنائه وإخوانه وبني إخوانه، وعليه فإنه من الحكمة التريث لحين وصول الأخبار المؤكدة من الكوفة أن أهلها قد قضوا على حاكمها، وأجلوه منها وصار الأمر إليهم واستقر، حينها يلحق بهم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معززا مكرما.
وبالفعل ظهر غدر شيعة أهل الكوفة برغم مراسلاتهم للحسين حتى قبل أن يصل إليهم فإن الوالي الأموي عبيد الله بن زياد لما علم بأمر مسلم بن عقيل، وما يأخذ من البيعة للحسين جاء فقتله وقتل مضيفه هانئ بن عروة المرادي، كل ذلك وشيعة الكوفة لم يتحرك لهم ساكن، بل تنكروا لوعودهم للحسين بن علي واشترى بن زياد ذممهم بالأموال ( المسعودي: مروج الذهب (3/67) وما بعدها، العالم الإسلامي في العصر الأموي (ص473)).
فلما خرج الحسين بن عليه رضي الله عنه، وكان في أهله وقلة من أصحابه عددهم نحو سبعين رجلاً، وبعد مراسلات وعروض ( وقد كان الحسين – رحمه الله – قد عرض عرضًا جيدًا قال فيه: ( إما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، وإما تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني بالحق فالحق بالثغور) ، وهذا عين الحكمة من الحسين عليه السلام لحقن الدماء، ولكن الشيطان عبيد الله بن زياد رفض إلا أن يسلم الحسين نفسه أسيرًا، فرأى الحسين الموت عنده أهون من ذلك، فكان ما كان ولا حول ولا قوة إلا بالله ) تدخل ابن زياد في إفسادها ودار القتال فقتل الحسين رضي الله عنه وقتل سائر أصحابه، وكان آخر كلامه قبل أن يسلم الروح: ( اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا ) (تاريخ الطبري (5/ 389)) .
بل دعاؤه عليهم مشهور حيث قال قبل استشهاده: ( اللهم إن متعتهم ففرقهم فرقًا واجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم أبدًا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا) (الإرشاد للمفيد (ص241). وإعلام الورى للطبرسي (ص 949)) .
أرأيت سوء صنيع القوم، وكيف كان غدرهم وخيانتهم حتى بآل البيت الذين زعموا حبهم واتخذوه ذريعة في عداءهم لكل من عادوا؟.
وهل بعد خيانتهم لآل البيت يستبعد خيانتهم للأمة عامة، فهم منذ اللحظات الأولى يجبنون عن الحرب ويبيعون ذممهم بالأموال، ويفكرون في الخيانة في مقابل الغنى والشرف، ولو كان الثمن هو تسليم واحد من أكابر آل البيت كما فكر المختار الثقفي أن يسلم الحسن بن علي للأمويين.
علمًا بأننا للإنصاف لا بد أن نقرر أن شيعة الصدر الأول في أيام علي والحسن والحسين – رضوان الله عليهم – كان من بينهم فضلاء أخيار كبعض نفر من الصحابة – رضوان الله عليهم – وهؤلاء نربأ بهم عن الخيانة، ومعاذ الله أن نصف أحدًا منهم بها، وإنما مواقف هؤلاء الفضلاء كانت قائمة على الاجتهاد أخطأوا أوأصابوا، وهذا ما أشرنا إليه آنفا ونؤكد عليه مرة أخرى، حتى لا يتهمنا أحد بالخلط والافتراء على شيعة آل البيت المخلصين من الصدر الأول.
وقد كان تشيَّع أكثر الناس يومئذ يدور في فلك الحب لعلي رضي الله عنه وآل بيته بناء على مرويات سمعها الناس في الوصاية بحب هذه العترة الطاهرة، ولكن لم تكن هناك مبادئ مقررة للتشيع كالتقية والرجعة وغير ذلك.. اللهم إلا أن يكون عند نفر من الغلاة الذين ترأسهم عبد الله بن سبأ وقالوا بألوهية علي رضي الله عنه، ( رجال الكشي، ص: 70 ).
لكن بعد ذلك جدَّت أمور شكلت فكر الشيعة وأطَّرته، وجعلت تقفز به في الانحراف من ميدان إلى ميدان، وتدخلت عناصر مغرضة مجوسية ويهودية وغير ذلك وتسترت بالإسلام ثم بالتشيع، وجعلت تسعى لنقض عرى الإسلام عروة بعد عروة في محاولة يائسة منها لأجل إحياء الأفكار المجوسية وعقائدها، من زرادشتية، ومانوية، ومزدكية. فصار بذلك التشيع عبارة عن كوكتيل من العقائد الباطنية الفاسدة الغربية عن الإسلام وتعاليمه، حيث تحول الفكر الشيعي بعدها إلى فكر لا عقلاني، مستمد من الفكر الغنوصي؛كما يقول بذلك الدكتور عابد الجابري، الذي تحدث عن الفكر الشيعي وجعله تحت العقل المستقيل في كتابه "تكوين العقل العربي".
يمكن للمسلمين ان يكونوا بخير بدون إيران
إن إيران اليوم، حين صارت شيعية، بعد أن كانت سنية عبر التاريخ قلب الاستيلاء الصفوي عليها، ومن يدور في فلكها لا يمكن أن تكون قوة داعمة لطموحات الأمة الإسلامية، ولا يمكن للعاقل أن يستند إلى جهاز الدعاية الإيراني وأذنابه ليقول لنا عكس ذلك، وإلا فليخبرنا أولئك القوم، ما هي الإضافة التي أضافتها إيران الخمينية للأمة الإسلامية، غير الحروب والويلات التي حلت على رؤوس الأمة، خاصة دول الجوار الإيراني؟، بل إن سيطرة القوى الغربية على منطقة الشرق الأوسط ازدادت عما كانت عليه زمن شاه إيران، نظرا لتفطنها إلى استعمال البعبع الشيعي فزاعة لدول المنطقة كي ما تزيد من تبعيتها لقوى الغرب، خاصة وأن تاريخ الدول الشيعية في الذاكرة العربية والإسلامية ليس بالتاريخ المفرح، لأن كل تجارب الدول الشيعية، كانت نقمة على أهل السنة، بدأ من دولة بنوعبيد والقرامطة، وانتهاء بالدولة الصفوية الشيعية التي قامت على أرض إيران منذ القرن السابع عشر الميلادي، وصولا إلى الويلات التي عرفتها منطقة الخليج العربي في العصر الثلاثين سنة الأخيرة.
يمكن أن تكون دول إسلامية سنية، غير عربية، بديلا فعليا للخلاص من ضغط الدولة الإيرانية الرافضية، وهي في الواقع أكثر قوة من إيران، باكستان وتركيا، عسكريا واقتصاديا، وبل وتملك التقنية النووية منذ مدة، لو يحسن العرب كيف يعقدون تحالفاتهم الإقليمية بعيدا عن الهيمنة الغربية الامبريالية، كما يمكن أن تكون تجربة تلك الدول في التنمية والتقنية العسكرية والنووية عاملا مكملا للنقص الذي تعاني منه كثير من الدول العربية.
وبكلمة أخرى، يمكن للمنطقة العربية، والأمة الإسلامية أن تكون بخير، بعيدا عن الانجذاب للتأثير الشيعي الصفوي المعاصر، عكس ما يطبل له الطابور الشيعي الخامس في وطننا العربي.
هل انتهى المغرب من التاريخ والجغرافيا بقطع علاقاته مع إيران؟
لقد قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع الدولة الشيعية، التي أرادت أن تُذل ملك المغرب، وحكومة المغرب، وشعب المغرب، بموقفها الشاذ اتجاه الرسالة التضامنية التي كان قد بعث بها عاهل البلاد إلى أمير البحرين، كغيره من زعماء وملوك الدول التي أعربت عن تضامنها معه ردا على موقف إيران التوسعي والمتعجرف التي اعتبرت أرض البحرين أراضي إيرانية، في تحدي صارخ للتاريخ والجغرافيا. فهل لحق بالمغرب واقتصاد المغرب أي ضرر جراء قطعه علاقاته مع إيران، هل انتهى من الدنيا، أم توقفت فيه الحياة ومات شعبه جوعا وعطشا نتيجة توقف المعونة الإيرانية له؟، والله عجيب أمر الشيعة والمتشيعين، حين يريدون أن يزينوا الوجه البشع التسلطي لحكومة ملالي إيران بأي وسيلة كانت؟
بل حتى بحساب الديمغرافيا، إيران وشيعتها لا يزيدون ولا ينقصون من واقع قوة الأمة الإسلامية أوضعفها شيئا، فثلث سكان إيران سنة، لكنهم مقموعين ومُنكّل بهم، ومجموع الشيعة في العالم لا يتجاوز المائة مليون على أكثر تقدير، مما يعطهم نسبة أقل من عشر بالمائة من مجموع العالم الإسلامي.
إن الأمة الإسلامية ستكون بخير لو أنقصنا منها احتساب الشيعة الاثني عشرية، فهم عالة على الأمة الإسلامية لا أقل ولا أكثر، وليتحالفوا مع من شاءوا، فذلك لن يخرج عن حقيقة أمرهم، وطبيعتهم المتآمرة على المسلمين السنة منذ القديم، وإلى حدود عصرنا الحاضر وهذا ما سنتعرض له بالدراسة والتحليل في الحلقة الثانية من هذه المقالة بحول الله وقوته .