(( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ))
عجائب خلق الله .. نبدأ رحله في جسم الإنسان ..
أحبابي : أرشد الله تعالى في كتابه إلى النظر والتأمل في كل شيء
فقال سبحانه : (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ، إلى المساء كيف رفعت ،
وإلى الجبال كيف نصبت ، و إلى الأرض كيف سطحت ) الغاشية( 17- 20 )
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
وحث سبحانه على النظر في النفس والتأمل في عظمة إبداعها فقال سبحانه :
(وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) الذاريات : 21
و سأصحبكم أحِبائي إلى رحله وسنحاول التعرف على عظمة هذا الخالق العظيم في
إبداع خلق الإنسان وإتقان صنعه ، فإن ذلك يثمر الإيمان ويبعث في النفس
السعادة والطمأنينة ، ويدعو إلى تزكية النفس وارتقائها في مسالك العبودية .
تأمل.... أيها الإنسان صورتك .. قف مع نفسك وقفه ...
. من الذي خلقك على هذه الصورة ؟؟
. من الذي عدلك هذا التعديل ؟؟
كيف تكون هذه الخلقة لو أنها معكوسة مثل يد ظهرت في رأسك أو عين في ركبتك أو أنف في ظهرك ؟؟ فسبحان من خلق فسوى فهدا ..
قال تعالى : (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ، الذي خلقك فسواك فعدلك ،في أي صوره ما شاء ركبك ) الانفطار (6 : 8)
وقال سبحانه : ( وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير ) التغابن : 3
ألا تعلم أيها الإنسان أنك خلقت من تراب ؟ ماء مهين .. دافق .. من طين ..
من صلصال كالفخار .. من نطفه خرجت من أبيك فاستقرت في رحمك أمك .. فقدر الله بعد ذلك أن تكون أنت نتيجة هذا اللقاء ..
قال سبحانه : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في
قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقه فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما
فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا أخر فتبارك الله أحسن الخالقين )
المؤمنين 12 :14
هل عرفة من أنت ؟ ...
هل عرفت بدايتك ؟...
هل عرفة عناصرك ومكوناتك ؟ ...
أنت و التراب الذي تسير إليه سواء !!
لا تتعجب , فعناصركما واحدة ، وسوف تعود إلى التراب مرة أخرى بعد موتك وسيعلو التراب وجهك بعد أن يلقى بك في فلآت إلى الأرض .
أحذر نفسك
فما أصابك بلاء إلا منها .. ولا تهادنها ، فوالله ما أكرمها من لم يُهنها
.. ولا أعزها من لم يذلها .. ولا جبرها من لم يكسرها ... ولا أرحها من لم
يتعبها ..
ولا أمنها من لا يخوفها .. ولا فرحها من لم يحزنها .
قال تعالى : (قتل ألإنسان ما أكفره * من أي شيئ خلقه ) {عبس 17و18}0
عناية الله بالإنسان جاء في بعض الآثار
((يا أبن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من نطفه , ثم من علقه , ثم من مضغة , ثم
نفخت فيك الروح , وجعلت لك متكأ عن يمينك ومتكأ عن شمالك , فالذي عن يمينك
الكبد , والذي عن شمالك الطحال , وجعلت وجهك إلى ظهر أمك حتى
لا تفزع من الرحم , وغشَيتُ وجهك بغشاء حتى لا تؤذيك رائحة الطعام ,
ورزقتك وأنت في بطن أمك , حتى إذا حان وقت خروجك على الدنيا أمرت
الملك الموكل فأخرجك إلى الأرض , ليس لك يد تبطش , ولا رجل تسعى بها ,
ولا سن يقطع , وأنبت لك في صدر أمك عرقين رقيقين يغذيانك بلبن سائغ ,
بارد في الصيف , حار في الشتاء , وقذفت محبتك في قلب والديك ,
فلا يأكلان حتى تأكل , ولا يشربان حتى تشرب , ولا يرقدان حتى ترقد حتى إذا اشتد عودك وقوي جسمك بارزتني بالمعاصي ، ولم تستح مني !!
ومع ذلك إن تبت إلي قبلتك ، وإن سألتني أعطيتك ، وإن أستغفر تني غفرت لك ، وأنا الرحمن الرحيم ))
{ديوان أمنت بالله} لا تتكبر
لماذا تتكبر أيها الإنسان وهذه بدايتك ؟!
ولماذا تبارز ربك بالمحاربة وهذا ضعفك وحقارتك ؟!
مسكينٌ أنت أيها الإنسان .. ضعيف أنت .. فقير أنت .. عاجز أنت ..
لم تعرض عن خالقك وأنت في قبضته ؟!
ولم تخالف نبيه 0وقد أمرك بطاعته ؟!
ولم تتنكب صراطه ومصيرك إليه ؟!
قال تعالى : (( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من
تراب ثم من نطفةٍ ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلقةٍ وغير مخلقةٍ لنُبين لكم
ونقر في الأرحام ما نشاءُ إلى أجلٍ مسًمى ثم نُخرِجُكُم طِفلاً ثُم
لتِبُلغُوا أشُدكُم ومِنكُم مَن يُتَوَفى ومِنكُم مَن يُرَدُ إلىَ أرَذَلِ
العُمُِر لِكَيلا َيَعَلَمُ مِن بَعدِ عِلمٍ شَيئاً )) {الحج : 5 }
بادر بالأعمال الصالحة عن بسر بن جحاشي .
أن النبي بزق يوماً في كفه , فوضع عليها أصبعه ثم قال :
((قال الله : إبن آدم ! أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه .. ..
حتى إذا سويتك وعد لتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد .. فجمعت ومنعت
....حتى إذا بلغت الترقي قلت : أتصدق وأنى أوان الصدقة )) {رواه أحمد }
فليتأمل العاقل اللبيب بدايته ..وليعلم أن الذي خلقه وأماته قادر على بعثه وإعادته0 تأمل قال تعالى :
(أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلاً
ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذى أنشأها أول مرةٍ
وهو بكل خلقٍ عليم )) {يس 77- 79-}
عظمة الله
قال الإمام إبن القيم : (تأمل خطاب القرآن تجد ملكاً له الملك كله , وله
الحمد كله , أزمة الأمور كلها بيده , ومصدرها منه , ومردها إليه ,
مستوياً على عرشه , لايخفى عليه خافيه في أقطار مملكته , عالماً بما في
نفوس عبيده , مطلعاً على أسرارهم وعلانيتهم , منفرداً بتدبير المملكة ,
يسمع ويرى , ويعطي ويمنع , ويثيب ويعاقب , ويكرم ويُهين , ويخلق ويرزق ,
ويميت ويحيي , ويقدر ويقضي ويدبر الأمور نازلة من عنده , دقيقها وجليلها
صاعدة إليه , لا تتحرك ذرة إلا بإذنه , ولا تسقط ورقة إلا بعلمه )0{الفوآئد}.